مقالات

فقدان الشغف

لست وحدك

بقلم:الدكتورة سماح إبراهيم عبد العزيز
أخصائي صحة نفسية أستشاري أرشاد اسري ونفسي

عندما تتعب الأقوياء وتشتعل البيوت في صمت**
ليس كل تعب يُرى، وليس كل بيت هادئ يعني أنه بخير. هناك إرهاقٌ من نوعٍ آخر، يبدأ بصمتٍ وينمو وسط الضغوط، يعشش داخل البيوت التي تبدو مستقرة، لكنها في الحقيقة تحترق بصمتٍ تحت وطأة الإرهاق النفسي والعاطفي.
كم من أمٍ وأبٍ قالوا لأنفسهم:
*”لست حزينًا، لكنني لست سعيدًا.”*
*”أحب أولادي، لكن لا أطيق الحديث معهم.”*
*”أفعل كل شيء، لكنني أشعر أنني فارغ من الداخل.”*
هذه ليست شكاوى عابرة، بل علامات **احتراق نفسي** داخل الأسرة، حيث يظهر في صور مختلفة:
إرهاق نفسي دائم
عصبية بلا سبب واضح
شعور بالذنب رغم المحاولات المستمرة فقدان الشغف تجاه الأسرة رغبة في العزلة أو الهروب من البيت
الاحتراق النفسي لا يصيب الكسالى، بل يستهدف أولئك الذين يعطون بلا حدود، ويبتسمون رغم الإرهاق الذي ينهشهم بصمت. إن الضغط المزمن، التوقعات العالية، المقارنات المستمرة على وسائل التواصل الاجتماعي، وحتى الشعور بالذنب عند أخذ استراحة، كلها عوامل تُذكي نار الإرهاق النفسي.
ومشكلة الاحتراق أنه لا يُسمى كما يجب، فيقول البعض: *”أنا زهقان”، “لا أشعر بالسعادة”، “أكمل يومي بصعوبة”،* بينما يرد المجتمع بـ*”شد حيلك”، “أنت أقوى من ذلك”،* وكأن القوة تعني إنكار التعب! لكن الحقيقة أن القوة الحقيقية تكمن في **الاعتراف والطلب**، في أن يقول الشخص: *”أنا محتاج للراحة”، “أنا لست بخير”، “أحتاج للمساعدة”.*
الأسرة ليست ساحة إنجاز أو حرب، بل مكان للحياة، والحب لا يظهر فقط في الواجبات اليومية، بل أيضًا في السؤال، الحنان، والخوف على بعضنا من الإنهاك.
لذلك، لابد من: فتح مساحة حقيقية للحوار توزيع المسؤوليات تدريجيًا
إعادة التعارف داخل البيت: من يحتاج ماذا؟ من يشعر بالتعب؟ كسر وهم *القوة الصامتة* والاعتراف بأننا جميعًا نحتاج الدعم
البيت ينبغي أن يكون ملاذًا للراحة لا مصدرًا إضافيًا للضغط
وإعادة ترتيب الأولويات بحيث تكون *الراحة النفسية جزءًا من الواجب الأسري* هو خطوة أساسية لإنقاذ البيوت من الاحتراق بصمت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى