مقالات

فقد إحتملوا بهتانا وإثما مبينا

جريدة موطني

فقد إحتملوا بهتانا وإثما مبينا
بقلم / محمـــد الدكـــروري

فقد إحتملوا بهتانا وإثما مبينا

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلى الله وحده لا شريك له، الملك الحق المبين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد إن للمسلم عند الله تعالي حرمة وقدرا، ولجنابه إحتراما وحماية، فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم ” ولقد جاءت الشريعة الإسلامية بالآداب والتوجيهات والأحكام والحدود التي تعظم الحرمات، وتحمي جناب المسلم أن يُمسّ بأدنى أذى حتى ولو كان في مشاعره وأحاسيسه، والأخوّة في الإسلام تستوجب الإحسان، وتنفي الأذى مهما كانت صوره وأشكاله حيث قال الله تعالى ” إنما المؤمنون أخوة ”

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى ها هنا” ويشير إلى صدره ثلاث مرات ” بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ” وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه” بل كانت حجّة الوداع إعلانا لحقوق المسلم، وإشهارا لمبدأ كرامته، وتعظيم حرمته وقدره عند الله تعالي، وتحريم أذيته بأي وجه من الوجوه في ميثاق تاريخي نودي به في أعظم محفل، وإن إنتهاك هذه الحرمة التي عظمها الله تعالي، والتعدي على المسلمين بأذيتهم لمن أعظم الذنوب والآثام.

ويعظم الإثم إذا كانت الأذية للصالحين والأخيار، وأشد لو كانت الأذية للعلماء والناصحين، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن الله قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ” فمن المخذول الذي يتصدى لحرب الله، وقد قال الله سبحانه وتعالي في سورة الحج ” إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور ” وعلى قدر إيمان العبد يكون دفاع الله تعالى عنه، وإذا إرتقى العبد في الإيمان إلى مقام الولاية، تأذن الله بالحرب لمن عاداه، وقد يكون المسلم الضعيف المغمور وليّا، وأنت لا تدري، فإحذر من أذية من تولى الله الدفاعَ عنهم، وقال شيخ الإسلام ابن كثير رحمه الله “وقوله ” والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا ” أي ينسبون إليهم ما هم برآء منه لم يعملوه ولم يفعلوه، وقوله تعالي.

” فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ” وهذا هو البهت البيّن أن يحكي أو ينقل عن المؤمنين والمؤمنات ما لَم يفعلوه على سبيل العيب والتنقص لهم، وإن بعض الناس هداه الله عز وجل مؤذي في طبيعته معتدي في طبعه لا يخالط أناسا إلا آذاهم ولا ينزل في مكان إلا حلت فيه المشاكل، لا يطيقه أحد فهذا يجب عليه أن يستصلح نفسه ويكف شره فإن شق عليه ذلك أو تعذر فليعتزل الناس في إجتماعاتهم العامة إلا الجمع والجماعات يلزمه المداومة عليها، فقيل يا رسول الله أي الناس أفضل فذكر المجاهد ثم قال ” مؤمن في شعب من الشعاب يتقى الله ويدع الناس من شره ” متفق عليه، وكل ما ورد في النصوص في فضل العزلة فمحمول على كون الشخص يتعدى شره للغير ويغلب ذلك على طبعه، فإتقوا الله أيها المسلمون وكفوا الأذى وإبذلوا الندى، تنالوا الحسنى وطيب الذكرى وتسعدوا وتسلموا في الدنيا والآخرة.

فقد إحتملوا بهتانا وإثما مبينا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى