اخبار

فليحذر الذين يخالفون عن أمره 

فليحذر الذين يخالفون عن أمره 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله رب العالمين قيوم السماوات والأرض جعل المرض رحمة للطائعين يرفع به درجات المؤمنين في جنات النعيم وأشهد لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، القائل في كتابه العزيز ” وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ” وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى التابعين وتابعي التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد قد مضى شهر رمضان شهر الصيام وسلام عليك يا شهر الصيام، فإنه أمان من الرحمن كل أمان وإن لنا فيما مضى من أعمارنا عبرا، وفيما قدمنا من الأعمال عظة وذكرى، فما منا من أحد إلا وقد فعل خيرا وشرا، وأسلف معروفا ومنكرا، وخلط عملا صالحا وآخر سيئا، فلنقارن بين ما كان منا من سيئات وحسنات. 

 

ولننظر مقدار الربح في هذا، والخسارة في ذاك، لندرك فضل الطاعة على المعصية، وحسن عواقب الطاعة في الدنيا والآخرة، أما الطاعة فقد ذهب تعبها ومشقتها، وثبت عند الله أجرها وذخرها، وسيجدها صاحبها أحوج ما يكون إليها “يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا” سيجدها مؤنسا له في قبره، وظلا له يوم حشره، وسببا لفوزه برضوان الله تعالى وجنته فيقول تعالى “ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون” ويقول تعالى “كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية” وهذا جزاء المطيع في الآخرة، أما في الدنيا فإن له الحياة الطيبة والطمأنينة الكاملة والعيشة الهنية والسعادة الحقيقية، وسيجد من توفيق الله تعالي له وإعانته وتسديده وهدايته وحفظه وحراسته، وإعزازه وإكرامه، وتيسير أموره، وتوسيع رزقه، وطرح القبول له فى الأرض، والمحبة في قلوب الخلق. 

 

ما هو من أعظم العون له في أمور دينه ودنياه، مع ما يشعر به من لذة الإنتصار على النفس والشيطان، وحلاوة القرب من الرحمن، والشعور بأنه لن يغلب والله نصيره، ولن يخذل والله ظهيره، ولن يشقى والله مسعده ومعينه، ولن يضل والله هاديه ودليله، كما قال تعالى فى كتابه الكريم ” والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين” وكما قال تعالى ” ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم” وهذه هي المعية الخاصة، والولاية الخاصة، التي تقتضي النصر والتأييد والهداية والتسديد والتوفيق والإعانة، وللمؤمن من هذه الولاية الخاصة، والمعية الخاصة بقدر طاعته لربه، وإحسانه في القيام بحقوق الله تعالى وحقوق خلقه أما المعصية فإن فاعلها قد يجد لذة حين إقترافها، ولكنه ينسى أنها لذة موقوتة، وأن لها شؤما عظيما، وضررا كبيرا، يلحقه في دنياه وآخرته. 

 

أما فى الدنيا فإنه يجد من الآلام والحسرات ومن ضيق الصدر ونكد العيش، والتنغيص والتكدير، والقلق والاضطراب وقلة التوفيق، وتعسير أموره عليه، ومن الذلة والمهانة، وإنحطاط القدر وسقوط المنزلة، وظلمة القلب وسواد الوجه، وحرمان العلم والرزق، أضعاف أضعاف ما وجده من تلك اللذة، هذا فضلا عما قد يصيبه في الدنيا من العار والفضيحة، أو الآفات السماوية، أو العقوبة على تلك المعصية بحد أو تعزير، ولله در القائل تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها من الحرام، ويبقى الخزى والعار، وتبقى عواقب سوء فى مغبتها لا خير في لذة، من بعدها النار، ولذا قال الله سبحانه وتعالى محذرا وناصحا عباده ” فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم” أى فليخش أولئك المحادون لله تعالى بالطغيان، والمبارزون له بالعصيان.

أن تصيبهم فتنة، أى زيغ في قلوبهم، وضلال عن الحق، وعماية بعد الهداية، لأنهم لم يشكروا نعمة الإيمان، ولم يرعوها حق رعايتها، فلا يأمنوا أن تسلب منهم هذه النعمة، لأن المعاصي عدو الإيمان، وبريد الكفر، وسبب غضب الرب ومقته، فيقول الله تعالى ” أو يصيبهم عذاب أليم” أى في الدنيا بآفة سماوية، أو حد أو تعزير، وفى الآخرة بعذاب النار، وبئس القرار.

فليحذر الذين يخالفون عن أمره 

فليحذر الذين يخالفون عن أمره 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى