في ذكري حرب 5 يونيو 67 فرسان رغم الهزيمة
كتب / كامل شحاته
بطولة اللواء حسن السبع رحمة الله عليه
بحرب 67 نقيب ضمن اللواء 11 مشاة
أسطورة من أساطير الجيش المصري، لم ينسحب اللواء 11 مشاه لعدم وصول إشارة الانسحاب نظراً لاستخدام العدو التشويش الإلكتروني بدأت معركة اللواء في نفس توقيت اللواء 16 مشاة تقريبا.. حيث انسحب نطاق الأمن وانضم إلى القوة الرئيسية للواء وقد أبدى هذا اللواء كفاءة في إدارة معركته الدفاعية، حيث اتخذ قائد اللواء العديد من الإجراءات لمقاومة التفاف العدو على جانبه الأيمن برغم صعوبة الاتصال (نتيجة للتشويش الإلكتروني وانقطاع المواصـلات الخطية) ونتيجة للقصف الجوي المتواصل .. حيث لجأ قائد اللواء باستخدام ضباط الاتصال لتبليغ أوامره. وظل اللواء متمسكا بأوضاعه حتى انكشف جانبه الأيسر بعد ارتداد اللواء 16 مشاة.
ومن المفارقات أن الجنرال الإسرائيلي “طال” أصدر أوامره حوالي الثالثة والنصف بعد الظهر إلى العقيد “جونيه” لدفع كتيبة دبابات لمعـاونة العقيد “إفيرام” في معركته ضد اللواء 11 مشاة.. وتقدمت الكتيبة من اتجاه الغرب (حيث كانت متوقفة بعد مطاردة اللواء 16 مشاة) إلى الشرق لتهاجم اللواء 11 مشاة من الخلف وقد ظن الجنود المصريون أن هذه الدبابات مصرية، أتت لتعاونهم، وخرج البعض من الخنادق لاستقبال الدبابات، التي باغتتهم بفتح نيرانها وأحدثت فيهم خسائر كبيرة.
اعتباراً من الساعة الرابعة .. أعاد العقيد “إفيرام” تنظيم قواته ليستأنف الهجوم من جديد بمعاونة كثيفة من الطيران الإسرائيلي، حيث تمكن من اختراق مواقع الكتيبة اليمنى للواء 11 مشاة حيث دار قتال متلاحم بين قواتنا والعدو استمرت إلى ما بعد آخر ضوء حيث سقطت مواقع اللواء 11 مشاة. وارتدت قواتنا غربا (واستمرت معارك اللواء لمدة حوالي عشرة ساعات) وهنا تم تكليف الأسطورة النقيب حسن سبع الذي كانت كتيبته مازالت تحتفظ ببعض الوقود والمؤن والذخيرة بعد كل هذا القتال العنيف غير المتكافئ بتأمين إنسحاب تكتيكي آمن مازال من أرقي الخطط التكتيكية والتي ما كان لكثير من كبار القادة العسكرين الميدانين في التاريخ العسكري المعاصر أن يصلوا إليها في مثل هذه الظروف فائقة الصعوبة والتعقيد، حيث إتخذ قراره باستخدام ممر متلا – نخل العميق وهو ممر ضيق بين سلسلة جبال وعرة للوصول للإسماعيلية لتأمين قواته من القصف الجوي للعدو، وقام بتوزيع المضادات الأرضية بصورة عبقرية حيث قام بتقسيم اللواء إلي ثلاثة أقسام بالتتابع يتقدم كل قسم مجموعة من حملة المضادات الأرضية بحيث يتم تغطية كامل اللواء بسلاح مضاد لطيران العدو ثم قام بإحكام هذا التنظيم بوضع مجموعة ليذيل بها الرهط الأخير من اللواء، وبعد أن رصدت قوات العدو هذا التوجه قامت بتوجيه سرب من المقاتلات للممر غير أن صعوبة المناورة بين هذه السلسلة المرتفعة الوعرة من الجبال التي تشكل هذا الممر الضيق حالت دون تمكن تلك المقاتلات من استهداف اللواء فغامر العدو بإرسال مروحيات يمكنها التحليق داخل هذا الممر غير أنهم فوجئوا بتصدي المضادات الأرضية لها على غير المتوقع فاضطرت للانسحاب بعد أن فقدت ثلاث مروحيات دفعة واحدة بصورة مفاجئة وبمباغته غير متوقعة أعطت للعدو إيحاءاً بأن هذه القوات قادرة على المواجهة وأن حجم خسائر العدو سيكون ضخماً إذا حاولوا الوصول براً إلى تلك المنطقة الوعرة التي تأكدوا أن لقواتنا الغلبة في تلك الحالة وهكذا تم تأمين الإنسحاب بعد أن قررت قوات العدو عدم المواجهة بعد معركة أسطورية من لواء قاتل جيشاً بكامله، ومن روائع هذا اللواء أيضاً أنه وبقرار من هذا القائد الشاب قام بحمل المصابين وجثامين الشهداء بطول الممر علي مركباته التي كان صوت خرير دمائهم الطاهرة منها أعلى من صوتها،
رحل هذا الأسطورة عن عالمنا بعد صراع طويل مع المرض زاد عن ١٧ عاماً ظل فيها طريح الفراش بمنتهى الرضا واليقين بقضاء الله في بطولة جديدة فريدة ضارباً أروع الأمثلة في الصبر والجَلد واليقين عند البلاء وكأن هؤلاء الرجال قد قُدِّر لهم أن يكونوا دروساً عميقة في حياة من حولهم، رحل هذا البطل ليلقى وجه ربه الكريم في الثامن من سبتمبر 2017 بهدوء ولا يعرف عن بطولته إلا قليل، إنه القائد المقاتل “كما كان يحب أن يصفه زملاؤه” أخي وصديق عمري ورفيق سلاحي”:
قائد مقاتل/ حسن سبع.
والذي أحمد الله أن أطال في عمري لأسجل ما لم يسجله غيري لعلي أوّفيَ من حملني علي عنقه سيراً وهو مصاب لينقذني بينما كانت أردد الشهادة جزءاً من حقه.
من كتابات لواء. أ.ح. متقاعد/ يسري محمد عبد القادر.