قصة

قتل نجاحي أشباحي

جريدة موطنى

قتل نجاحي أشباحي 

بقلم 

هاجر سرحان 

ولدت تيا في منزل بسيط في قرية غجرية 

وكانت ناقمة منذ الصغر على هذه الحياه القروية البدائيه

ولكنها كانت ناقمة اكثر على معاملات من حولها 

تيا قلت لك اتركي هذا الكتاب واسرعي لاطعام الدواجن ورعي الغنم مع عمك اتظنين انك ستصبحين طبيبه او مهندسه ان مرجعك الى هذه الحظيره فاتركي كتابك هذا واسرعي فورا

قالت بإحباط وتأفف وقلة حيرة 

حسناً يا امي تركت كتابي

ذهبت لتنظيف الحظيره واطعام الدواجن ورعي الاغنام 

ثم عادت سراً لاكمال واجباتها بغرفتها بعد ان اغلقت كل الاضواء خشيت ان تشعر امها فتأمرها بالنوم 

 وانارت شمعتين بعد ان مثلت النوم امام امها

لتتفاجئ بيد تربت على كتفيها 

في بادئ الامر ظنت انها امها التفتت قليلاً لتجد فتاة بشعر اصفر طويل وثياب بيضاء 

انتفضت من مكانها وانارت الضوء 

من انتي 

قالت بهمس 

اطفئي الاضواء واكملي مذاكرتك انا هنا بجانبك لاسعادك اذا ما توقف عليكي شيئاً في مذاكرتك 

لا اريدك اخرجي من انتي 

اقتربت منها ثم مسكت بيدها لتشعر تيا بدفئ سرى في قلبها فطمأنها 

من انتي ؟ لماذا لا تجيبيني 

سأسالك انا قبل ان اجيب هل تحتاجين لرفيقة تشجعك على المذاكره وتدعمك لاكمال حلمك وايصالك لما تحبين 

نعم ولكن انا لا اعرفك

ولكني اعرفك جيدا وهذا يكفي 

سأتي لك كل يوم واساعدك بمذاكرتك 

كانت تيا قلقة وخائفه ولكنها شعرت بارتياح لا تعرف سببه 

اجلسي بجانبي واكملي واجباتك 

جلست بالفعل لتكمل واجباتها وكلما وقف عليها شئ شرحت لها

وما ان انتهت تيا من واجباتها حتى اختفت هذه الفتاه 

 كانت تيا متفوقة دراسيًا لكنها تربت على الاحباط لا يوجد اي مما حولها يراها او يرى قدراتها فالرجال والاولاد فقط هم اصحاب المواهب والقدرات والوظائف هم فقط المسموح لهم بالخروج من القرية 

استيقظت صباحاً تتجهز للمدرسة فسمعت صياح ابيها لامها 

لقد سئمت هذه الفتاه لماذا تذهب للمدرسة كل يوم لاداعي لذلك فمئالها لمنزل زوجها لقد جعلتني اضحوكة لكل القريه وما ان خرجت تيا 

حتى بدا بالصراخ عليها ماذا تظنين نفسك ان اصرارك على الدراسه سيؤخرنا كل القرية تذهب صباحًا بأبناهم للزراعه عدا انا اتأخر بسبب ايصالك للمدرسه 

ان كان لابد من ذهابك اذن ستعملين بعد عودتك في الزراعة بالاجرة ومن اجرة الزراعه ستوصلين نفسك للمدرسة لن اوصلك مرة اخرى

اكل الناس وجهي بحديثهم عن انسياقي خلفك

حبست تيا دموعها وهي تشعر ان قلبها يعتصر حزنًا 

واجابت اجابة واحده 

حسناً سأفعل 

سأوصلك اليوم فقط امامي

اوصلها ابيها للمدرسة

فلم تسلم ايضاً من سخرية زملائها من ثيابها القصيرة القديمه التي ترتديها منذ ثلاث اعوام 

انظري الى تيا فتاة القرية وملابسها 

ضحكات عاليه 

يبدو انها ترتدي ملابس اختها الصغرى

ضحكات اخرى

او ملابس فزاعة الحقل 

حاولت تيا ان تعتاد على مثل هذه السخريات حتى تصل لهدفها وهو التعلم 

كانت تيا ذكيه تجيب على كل الاسأله حتى ولو كانت صعبه فكان هذا هو انتصارها الاكبر ودواء كل ما تمر به 

نزلت تيا بالخلف من ساحة المدرسه بوقت استراحة الحصص

وجلست وحدها 

كانت تخشى سخرية صحابها من شطائرها القروية التي تحضرها ولا تشبه شطائرهم وما ان جلست حتى وجدت بالجوار منها ولد بنفس عمرها يأكل مثل شطائرها 

ما الذي اجلسك هنا هل تخشاهم مثلي 

نعم لا احب تنمرهم وسخريتهم انهم مزعجين جدا 

انا ايضا مثلك 

هل تريد صديقاً نعم 

بأي فصل تكون ؟

شطائرك تشبه شطائري كنت اخجل من شطائري

هل انت من قرية الغجر؟

انتهت الاستراحه اراكي بوقت الخروج مع السلامه

قام الولد مسرعًا 

نسيت ان اسأله ما اسمك سأساله بنهاية اليوم 

عادت تيا لفصلها سعيدة ان وجدت اخيراً من يشبهها تنتظر ان ينتهي اليوم الدراسي لتقابل صديقها

انتهى اليوم ببطئ لانها كانت تنتظر انتهائه

 لتذهب مسرعة دلفت الى حيث التقط به خلف سور المدرسة لكنها لم تجده شعرت بخيبة وضياع امل 

ولكنها مالبثت ان وجدتها خلفها كيف حالك انا هنا 

التفتت بسعادة 

ظننتك ذهبت 

لا انا هنا 

لما اعرف اسمك بعد

انا مالك

من اي قرية يا مالك 

طريقي بنفس طريقك هل تعرف قريتنا نعم واعرفك 

ولكن لماذا لا اراك بالقرية 

ولكني اراك وهذا يكفي 

اصبح الطريق بصحبة صديقها مالك اكثر انساً 

والمذاكره برفقة صديقة الظلام ادفئ

كانت تعود لمساعدة اهلها بالزراعة واذا ما تعبت رات مالك يؤشر لها من بعيد فتكمل بسعادة 

ظلت تيا على هذا الوضع سنين تأنس بصديقة الظلام وتفرح بوجود مالك ولم تحكي لاحد فلم تعتد ان يسمعها اي احد ختى اتى هذا اليوم حصلت تيا على الترتيب الاول على مستوى منطقتها بالكامل وكانت هدية المدينة ان تنقل تيا من قرية الغجر الى المدينة في شقة مدفوع اجرتها على حساب الدوله 

وللمرة الاولى انتبه الاب والام ان لديهم ابنة مميزة ليتباهى الاب بين اصحابه 

كنتم تلوموني انظروا اين اوصلتني ابنتي 

و تغطرف (تزغرد) لتملأ القرية أفراحًا ان كانت ابنتهم سبب في اخراجهم من القرية 

وفروا للاب عملا كحارس امن بمدرستها 

فأصبحت الام اكثر استيعابا وتركيزا مع ابنتها رغم انها اميه الا انها اصبحت تهتم بكل شئ يخص دراستها 

والاب يؤمن لها كل ما تحتاجه

الا ان تيا شعرت بسعادة مع مزيج من الحزن لم تعد تحضر صديقة الظلام واين ذهب مالك ومن كانوا 

شعرت انها من الصعب ان تقص على والديها هذا فلن يستوعبوه ابدا 

حتى تشجعت وذهبت للاخصائية النفسية في المدرسة 

وقصت عليها كل شي 

لتجيبها 

ان فتاة الظلام ومالك كانو اصدقاءاً نسجهم خيالك فلقد تمنيت اماً تسهر معك وتعتني بك وتذاكر لك وتمنيت صديق ينتشلك من تنمر وسخرية صحابك بالمدرسة فنسج خيالك ما تمنيت لقد كنتي مصابة بالوهم

ولكن نجاحك الحقيقي وتغير معاملة والديك قتلت اوهامك فأختفت فتاة الظلام ومالك 

فاصبحت امك بمثابة فتاة الظلام 

وابيكي هو مالك 

لقد قتل نجاحك اشباحك يا تيا 

وقتل نجاحك شبح والديك الاعظم وهو خوفهم من كلام الناس ولومهم فأمنوا بك وبتفوقك

قتل نجاحي أشباحي

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار