قصة

قصة  أمرك سيدي 

قصة  أمرك سيدي 

من المجموعة القصصية للأديب الشاعر والسيناريست/ خالد يس الجمال 

 

أمرك سيدي 

يوسف ضاقت أذنيه من كثرة الأوامر . تشبعت ملت . تحلم بحياة ويحلم بالنوم وقتما يشاء وكذلك يستيقظ هذا الجسد النحيل .

بعد أن ذاب في حبال الزمان البالية . 

انهارت ملامحه وسنين العمر تلاحقه بغد مجهول المعالم . 

كلما أراد يوسف أن يعلن عن شكواه . 

كانت تهلكه الحياة .

فمنذ نعومة اليد وطهارة القلب . سقط يوسف في بحر اليتم بلا مجداف . 

جفت قواه وانهارت علي باب الملاجئ التي لفظته وصار خارج الجدران . 

احتل جسده الأرصفة . تعصره حرارة الصيف وتجمده برودت الشتاء .

فأصبح متهالك القدمين يبحث عن عمل يهدأ صراخ الأمعاء يروي ثورة الحلق .

فأدرك يوسف أن الصعود لأعلي جلد النعال صعب عليه 

ارتضي بفضلات الشوارع بعد موائد الكلاب . ففي القديد حياة 

تخيل أن حلمه اقترب عندما امتدت يد الشرطة له انفرجت أساريره ففي السجن نجاة من الرصيف من صراع الكلاب .

لكن السجن رفضه من شدة الزحام . 

عاد يوسف إلي الرصيف يذكر الله يقتل الجوع بالصبر 

ويروي القلب بالإيمان 

الأيام تتشابه 

والليالي تتزاحم فيقطف الزمن قطع اللحم من جسد يوسف الضئيل حتي صار هيكلاً بارز التجاويف عابرا لحدود الآن رياح الصمت تطرحه أرضا . 

وبعد انتظار دام أمطرت الدنيا بسمات . في ربيع ضاحك عاهد يوسف نفسه ألا يبكي خوفا علي الورد من دموعه الحزينة . 

ويردد ( إن مع العسر يسرا )

يمسح زجاج السيارات ينظف الدواسات سعيدا قانعا راضيا حامدا . 

لكن الأمس مازال يهاجمه بسيارة تصدمه يلمحها من أسفل عائما في بحر الدماء .

والناس تتزاحم تتسأل من المخطئ . ؟ 

هذا الشاب المسكين أم السائق العجوز .

يدافع السائق عن نفسه بأكياس مكتظة بالمال 

ويوسف لا يملك غير الصمت المكتوم في النبض في بحر الدم . 

الأسعاف تحمله لمصحة خاصة يداوي جراحه علي نفقة السائق . 

لا يدري يوسف من أين وإلي أين يكون المصير 

طال علاج يوسف 

وعيون السائق الثري تترقبه . تخشي أن يزلف لسان يوسف بكلمات ويكون الحكم . وتلوح الحقيقة ويجامله رجل .

والصمت يعانق يوسف . يذكره بصراخ الأمعاء من غدر الكلاب . اليوم طعام . اليوم شراب . الإرتواء عظيم . 

لم رأي يوسف الثري مستقرا أمامه . أوجس في نفسه خيفة تبادلا النظرات طالت بينهما وتجولت إزدادت عمقا . 

لمح يوسف الأمس يحوم في عينيه 

واخترقت أذان الثري لولا الباشا ما نجوت 

الكلاب تنقض علي يوسف تخطف الخبز منه 

الثري يقدم الهدايا ردا للمعروف 

يوسف يهمس في أذن الكلاب أنا جوعان 

الثري ينحني ويقدم التنازلات 

تعانقت النظرات بينهما

يوسف يرقد علي سرير المستشفى بالزي الأبيض 

يرسل إبتسامات للثري يرجوه 

والثري يستقبلها بتعجب . 

واطلق العنان لحروف اللغة تعبر عن عهد جديد . 

الثري : يوسف أريدك تعمل عندي 

يوسف ينظر إلى الثري بعيون الأمس . 

أعاد الثري رغبته بإصرار ينبع من ذاته . 

ومازال يوسف يتهجا حروف الصمت . 

الثري : سأعطيك .. بل أكثر من ذلك .

يوسف يرد عليه بابتسامة الرضا . فإنه يريد أن يخلع ثوب الشقاء ويرتدي نور الحياة . 

المطبخ كان قصر يوسف الجديد بين العيون والمشاعل وأدراج المبردات داخل القصر الكبير . 

والثري حفظ يوسف كلمات ولغة التعامل بينهما الفعل منها ( أمرك ) 

مرت سنوات أمرك علي يوسف 

يحاول يوسف أن يتعايش في أمرك 

يبدلها لكنه لم ير لها معني غير ( أكرم أمرك ) 

طمس يوسف علي أذنيه واستأذن سيده ألا يرهق صوته فصوته غال ويوسف بارع في مفردات الصمت 

وأشار لسيده أن يسترح علي الكرسي دون حراك حتي لا يبلي الحرير الملفوف به جسده الغالي . ولا يشير بذراعه ففي الصعود مشقة 

سيدي استرح أنا أمرك أنا ذراعك أنا صوتك سألبي لك أمرك دون صوت دون حراك فقد حفظت دوري أنا أمرك . 

استمر يوسف يلبي الأمر دون أمر . يقدم لسيده ما يريد دون صوت والثري يجلس علي الكرسي في صمت تام بلا حراك وكل الأوامر قائمة .

فاشتكي من طول الجلوس ومن صوته المسجون في الحلق ومن ذراعه المشلول . بريد أن يتخلص من وضعه الجديد .

نهض فجأة وحمل يوسف وأجلسه مكانه علي الكرسي 

وقال ليوسف ( أمرك سيدي ) 

 

تأليف الأديب الشاعر والسيناريست خالد يس الجمال 

من المجموعة القصصية ( لهذه الأسباب) تم إصدارها عام ٢٠٠٩ م

قصة  أمرك سيدي 

قصة  أمرك سيدي 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى