قصة

قصه قصيرة/ السحاحة و الترفاس

جريدة موطني

قصه قصيرة
السحاحة و الترفاس
في احد الفصول الدراسيه بالمدرسه العتيقه بالمدينه كان عبد العال الشهير بعبده
احد الطلاب المجتهدين بها و لكن رغم اجتهاده الشديد الا انه كان يعاني من سؤ معامله مدرس الفصل. خاصه ان عبده طفل فقير و يتيم ولا يملك ان يلتحق بدرس خصوصي بالمجموعه التي أسسها الأستاذ سمير و كان يجد اهمال وسخريه من المدرس تاره و عقاب بدون سبب تاره اخري مع اصرار المعلم علي الحاق عبده بالدرس الخصوصي
حيث ان تفوق عبده سيشجع الكثير من التلاميذ علي الالتحاق بدروس الاستاذ سمير الخاصه. كان احساس عبده بالقهر و الذل والعجز يفوق احساسه بالظلم خاصه ان قيمه الدرس ذهيده فهي لا تتجاوز الخمسون جنيهاً و لكن رغم تفاهه المبلغ الا انه مبلغ كبير بالنسبه لعبده و اسرته خاصه ان والدته تعمل ليل نهار في مسح سلالم العمارات و تنظيف الشقق طوال اليوم ومع هذا فالدخل يكاد يكفي بالكاد الطعام و الشراب
تحمل عبده قسوه و ظلم الاستاذ حتي اتم الشهاده الابتدائيه و التحق بالمدرسه الاعداديه و في هذه المره كان تنمر زملائه يسبب له الكثير من الالم خاصه ان حذائه ممزق و ملابسه قديمه تكسوها الرقع و يصبغها اللون الباهت فكان التنمر علي مظهره و السخريه من ملبسه و هيئته يتم بصوره ممنهجه و يوميه حتي اعتاد علي ذلك و صم اذنيه عن التعليقات الجارحه التي يتلاقها يوميا و كان سلاحه ورده علي زملائه تفوقه في الدراسه و تشجيع الاساتذه له و محاوله البعض مساعدته عن طريق المعامله الطيبه و التشجيع المستمر و ترشيحه لتمثيل المدرسه في المسابقات التعليميه علي مستوي الاداره.
كانت بدايه انتقام عبده من زملائه اذلاله لهم في الامتحانات حيث كان يرفض مساعده اي زميل له في لجنه الامتحان او شرح اي سؤال لاي زميل و السخريه من ضعف مستواهم و غبائهم في كثير من الأحيان
وبعد ان حصل علي الاعداديه بتفوق طلبت منه والدته ان يلتحق بالثانوي الصناعي حتي يكتسب حرفه حيث ان المال يقف حجر عثرة و عائق في سبيل اتمام دراسته في الثانوي العام خاصه ان مصاربف الثانوي العام و الجامعه لا يقدر عليها الا اثرياء القوم في تلك الايام الصعبه
احس عبده ان المال يقف في طريق نبوغه و تفوقه و انه احق من الكثيرين في اكمال تعليمه لقد سجنه الفقر وقله المال و خنق طموحه وحدد إمكانياته التي تفوق الكثيرين
تذكر عبده ايام الطفوله وكم من مره نام بدون عشاء و كم من مره تنمر عليه زملائه بسبب مظهره و كم من مرات احبطته كلامات الاستاذ سمير.
قرر عبده ان يعمل اثناء الدراسه في احد المطاعم و يكمل دراسته الثانويه من المنزل
و كم كان شاقا علي عبده هذا التحدي الشرس فلم يجد من يرأف به او يحتضنه رغم ان صاحب المطعم يدعي رأفت
فكم تحمل من اهانات من رأفت الذي استغل حاجته للعمل والمال وصغر سنه في استغلاله بدنيا و نفسيا مقابل اجر ذهيد و كم تحمل من تعالي الزبائن و عجرفه موردي الاغذيه. وفي خضم ذلك اخبرته والدته انها ستتزوج من صبحي البواب خاصه انه طلق زوجته لعدم الإنجاب و انها ستعيش معه في حجرته الملحقه بالعماره في الحي المجاور . وستترك له المنزل يعيش فيه خاصه انه اصبح شابا يستطيع الاعتماد علي نفسه. و استعد عبده لامتحانات الثانويه العامه و حصل علي مجموع جيد و لكنه لا يستطيع الالتحاق بكليته المفضله كليه الهندسه لانه فرق عن الحد الأدنى بواحد في المائة.
وفي المقابل وجد زملائه في الدراسه و المنطقه التحقوا بالكليه التي كانت حلم حياته ولكن عن طريق الجامعات الخاصه و المعاهد المنتشره كالنار في الهشيم او الدراسه في الخارج . قرر ان يلتحق بكليه العلوم لعله يصبح مثل احمد زويل او فاروق الباز
و دخل قسم الكيمياء التي كان يعشقها منذ الصغر و يتفوق فيها. خاصه ان الكيمياء مثل الحياه كلها تفاعلات و ان المعادله الصفريه هي اساس حياته حتي الان.
كانت مشكلته في الجامعه هي تندر الطلاب المقربون منه في الحي من عمل والدته و كان الاسم الحركي له بينهم ابن الخدامه
كان يتالم من وصفهم له بذلك الاسم خاصه انه يحترم كفاح امه في العمل لتربيته ومعاناتها في توفير اللقمه الحلال له بعد وفاة والده و انها لم تلجا الي السرقه او التسول او الدعاره
خاصه انها جميله و شابه ومطمع للجميع
ولكنها اختارت ان تتزوج صبحي البواب لانها تعبت ليس فقط من العمل بل من طمع الرجال في جسدها و اعتبرها صيدا سهلا نظرا لفقرها و عملها البسيط و عدم دعم اسرتها لها خاصه انها مقطوعه من شجره كما يقول المثل الدارج
بعد نهايه العام الاول ايقن عبده انه يحرث في بحر بعد ان وجد ان الاول علي الدفعه ابن اخت رئيس قسم الكيمياء. انتهي حلم عبده من السنه الاول في ان يصبح نسخه من زويل او الباز. وفي الوقت نفسه اكتشف ان زميلته نفيسه التي احبها من كل قلبه ودعمها بالمذكرات و الأبحاث لا تلتفت الي ايحاءاته ونظراته الحالمه رغم أنها من اسره فقيره و عندما استجمع قوته و شجاعته و صارحها بحبه لها و طلبه ان تكون شريكه كفاحه في الحياه خاصه انه يملك شقه بمنطقه كفر الزنقات . سمع منها كلاما لاذعاً تهاجم فيه مظهره البائس ووالدته الخادمه وزوج امه البواب فقد نشر اصدقائه و زملائه في الكليه قصته بل ان احمد صديقه المقرب هو من اخبر نفيسه بكل تفاصيل حياه احمد حتي يفتح لنفسه باب للحديث معها و التقرب منها.
قرر عبده في تلك اللحظه ان يغير مسار حياته و ان يستغل شقته في كفر الزنقات و دراسته للكيمياء في عمل تركيبات للمواد المخدره و بيعها علي المدمنين في المنطقه و الجامعه من الطبقه الشعبيه باسعار في متناول الجميع و بسعر تعاوني
ومع بدايه مشواره في الشقه التي أصبحت اجزخانه لكل ماهو خارج الجدول و معمل للتجارب و ما بها من سحاحات و انابيب
حيث اطلق عليه زبائنه دكتور ايوب
مخترع الفرفوش و كان عبده يطلق علي شقته وكاله ناسا و أحيانا الغواصه
و اصبح لعبده دولاب من الديلرز و الموزعين
فاطفال الشوارع يسمونه عبده كباري حيث ان منتجاته كانت تباع تحت الكباري و لاطفال الشوارع المتواجدين تحت الكباري و و داخل الإنفاق بدايه من الكله الي منقوع السبيرتو المدعم
كانت عبقريه عبده في ان المواد الاوليه غير مخدره و حتى عند خلطها غير مخدره و لكن هناك ماده فعاله يتم اضافة عده قطرات منها تجعل المنتج نشط و يجعل الزبون في المطار في ثوان قليله من تناولها، مرت الايام
حضر حفل التخرج و احتفل مع زملائه بعد حصوله علي المركز الثاني علي الدفعه و قد تغيرت هيئته و اصبح اكثر جاذبيه و اناقه. مر بجانب نفيسه وهو يرمقها بنظرات من الاستعلاء وتجاهل نظراتها اللي تطلب منه الحديث و لو لدقائق.
تفرغ عبده لنشاطه و افتتح الفرع الثاني بمدينه كفر الشيخ زايد و كان الاسم الكودي للفرع المعامل المركزيه و هنا استغل عبده رقي المكان في عقد صفقات مع صالات الجيم في توريد المكملات و المنشطات التي لاقت رواج لدي الشباب. وهنا تعرف علي الكابتن الكسباني و هو أحد رجال الاستثمار الرياضي الذي اقترح علي عبده توسيع نشاطه وعمل مشاركه له في إنتاج المنشطات و المكملات و خلافه من منتجات بير السلم و توزيعها و قدمه لمدام لونا التي تعاقد معها علي إنتاج منتجات البشره و التجميل و التخسيس و التكبير ايضا والتي تملك اكبر مراكز التجميل في كفر الشيخ زايد
ومع كثره الإنتاج و الاستثمار الكبير َبدات لونا و الكسباني في عمل اعلانات علي القنوات الفضائيه مثل قناه هوفهوف و اخييه و خلافه لتوزيع المنتج و حصول المنتجات علي تصاريح الوزارات المختصه
وفي نفس الوقت نشأت علاقه عاطفيه بين لونا و عبده كان نتاجها ابتكار عبده للعديد من المنشطات الجنسيه و حبوب اطاله العضله الضامه وطول المده باسعار تنافسيه توفيرا للعمله الصعبه و أكثر امانا و بمواد طبيعيه كمنتج محلي

انتقل عبده للسكن في كومباوند و اشتري سياره حديثه ماركه رينو و قرر الزواج من الابنه الوحيده للكابتن الكسباني .
ومع زواجه من ابنه الكسباني استمر في علاقته بلونا التي ادمنته و اغدقت عليه بالهدايا و الاموال.
اصبح ماركه الكسباني في المنشطات تريد مارك و اصبحت ماركه لونا في التجميل ذات سمعه واسعه
ولم يظهر عبده في الصوره رغم انه صاحب هذه الافكار و الابتكارات التي حولت المعادلات الكيميائية الي اوراق بنكيه
وفي احد الايام. طلب صبحي لقائه حيث ان امه علي فراش الموت وتريد ان تراه
ذهب اليها و قبل يدها و حاول علاجها في افضل المستشفيات و لكن كل امواله عجزت عن علاجها و ماتت علي صدره و هو عاجز لا يستطيع ان يفعل لها شئ
في ذلك الوقت ادرك ان الموت حقيقه ثابته قد تاتي بدون موعد. تذكر علاقته المشبوهه بلونا و ساديته و نرجسيته مع زوجته و ارتمي في حضن زوج امه وهو بصرخ اه يا صبحي… اه ياصبحي ذهب الي منزله بعد ان دفن امه و طلب من لونا ان يتزوجها و ان تصبح علاقته بها في النور و طلب من الكسباني فض الشركه او تغيير نشاطها
وافق الكسباني علي اقتراح عبده و استقر الجميع علي تحويل النشاط الي اعشاب طبيه و منتجات صحراويه مثل المرمريه و الترفاس و خلافه. و اخبر عبده زوجته نجوي انه تزوج لونا حفاظا علي المشروعات و المكاسب التي يجنيها بشراكته مع لونا خاصه انها امراءه وحيده و مغتربه وارمله منذ زمن بعيد و عاقر و اقنع نجوي ان زواجه من لونا زواج مصلحه
و جمع عبده الكل لونا و الكسباني و زوجته
لرحله عمره مع بدء صفحه جديده مع الحياه. وبعد العوده خطط عبده و شركاءة في البدء في حمله للاعشاب الطبيعيه
تحت شعار الترفاس هو الاساس
تمت
م محمود عبد الفضيل /مصر

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار