قصه قصيره
كانت حمامة فتاة جميلة تعيش في حي راقي من أجمل أحياء البلدة لأب يعمل بالتجارة وأم مدرسه ابتدائي وقد وهبها الله الحسن والجمال خاصة عينيها الزرقاء التي كانت بصفاء السماء وعمق البحر. خاصة أن معظم الأكراد يتصفن بالجمال الباهر وهي واحدة منهن. وفي صباح أحد الأيام استيقظت علي خبر صادم بغزو العراق للكويت وهروب أهل الكويت من البلاد وتحولت الكويت من دوله لها سيادة إلى محافظة عراقية بين عشية وضحها.
انزعجت حمامه من ذلك الخبر كما لم تنزعج من قبل. فقد عفا الزمن عن اجتياح دوله لدوله مهما كانت الخلافات وأصبحت الحروب هي آخر خيارات المواجهة بعد نفاذ كل محاولات التفاوض. الموقف في غاية الصعوبة وأصبحت هناك ضبابية للمشهد
وللمستقبل. فما كادت الدولة أن تلتقط أنفاسها من حرب ضروس مع إيران استغرقت ٨ سنوات أتت علي الأخضر واليابس من مقدرات الوطن وبعد الحرب بدا الشعب في مرحلة البناء من جديد وقد خلفت تلك الحرب شهيدا أو مصابا في كل أسره. تابعت حمامه الأخبار المتواترة عن سيطرة العراق علي الكويت وسط زخم وضجيج إعلامي لا مثيل له فقد أصبح الحدث حديث العالم تتناول تطوراته كل وكالات الأنباء العالمية. وبدأت مفاوضات الدول الشقيقة في التوفيق والتحذير والتدخل قبل فوات الأوان خاصة أن العراق له مكانه وثقل في الوطن العربي وهو البوابة الشرقية للمنطقة. لم تفلح كل الجهود وبدأت الدول الغربية تتداعي كما تتداعي الأكلة إلى قصعتها الكل يريد اغتنام الفرصة التي أتت لهم علي طبق من ذهب لغزو العراق تحت مظلة شرعية تباركها المبادئ في تحرير الكويت. أدركت حمامه وقتها أن الكارثة علي وشك الحلول. كانت حمامة تدرك ان الموضوع لن ينتهي بتحرير الكويت وان القادم اسؤ. فكيف لبلد ان تحارب العالم
بدات القوات الاجنبيه في التمركز حول الكويت تحسبهم جميعا وقلوبهم شتي وخاصة منطقه حفر الباطن وبدات الهجمات الشرسة من قوات التحالف في الهجوم علي القوات العراقيه التي لم تستطع المقاومة للهجوم الكاسح باحدث الاسلحه ومع تفويض كامل من كل المؤسسات باستخدام كل الاسلحه الفتاكة لحسم الحرب في اسرع وقت. وتم انهاء الحرب وتطهير الكويت في وقت قياسي وبمعدلات اداء متميزه وكأن القوات كانت في مناورة عسكرية وليست حربا مع دوله. وظل السؤال يلح علي حمامه وما مقابل ان تتحرك تلك القوات من كل حدب وصوب لتحرير دوله
هل لو حدث ذلك مع دوله فقيرة هل كانت ستجيش كل تلك الجيوش. ادركت حمامه اننا مازلنا في بدايه ذلك الكابوس الذي جثم علي صدر تلك المنطقه. وفي غضون ايام عديدة توغلت قوات التحالف الي داخل العراق دون مقاومة تذكر تمر من مدينة الي مدينة كما تمر السكينة في قطعه الحلاوه
مسموح لتلك القوات بجميع التجاوزات من سرقه ونهب واغتصاب وتدمير.
كانت حمامة في غايه الرعب خاصة بعد ان تم افتتاح سجن ابو غريب وترويج صور وفيديوهات للتعذيب لكل من يسجن به
كانت تعلم بأن الصور تم تسريبها عن قصد لبث الرعب في قلب كل من يحاول المقاومة
كانت الصور بشعة وفيها اهدار لادميه الانسان تسالت حمامه وهل دوله مثل امريكا رمزها تمثال الحريه تقوم بكل هذه التجاوزات بعيدا عن حقوق الإنسان
كانت تعلم ان الغرب ينظر لنا نظره مختلفه
فنحن بالنسبه لهم متخلفين وفئران تجارب وان حقوق الانسان لا ينعم بها الا من كان علي ارضهم اما الاراضي الاخري فهي خارح نطاق تلك الحقوق يعتبرونها اراض ملعونه لا يسكنها بشر بل يسكنها عبيد نفس نظرتهم للهنود الحمر يجب تطهير الارض منهم…
وحتي يكتمل المسلسل المرسوم بدقة كان يجب علي قوات التحالف اجتياح بغداد والقبض علي الرمز والزعيم وجعله عبره لمن يعتبر كبدايه لاستغلال المنطقه كلها لحساب الغرب اقتصاديا. وكانت حمامه تخالف توقعات الجميع تيقنت بأن بغداد ستسقط بسهولة فهي مثل باقي المدن رغم وجود اعلام قوي يصدح- ليل نهار- بانها المعركه الاخيره وان الجميع سيدافع بقوة واستبسال عن العاصمه. لان سقوط العاصمه يعني نجاح الغزو وفي الصباح دخلت قوات التحالف العاصمه دون ادني مقاومه وبكل يسر وسلاله ودون اي مقاومة من جيش تم تصنيفه السادس عالميا من حيث القوة والعدد والعتاد. وفي غضون ايام من البحث تم القبض علي الرمز والزعيم وهو في حاله يرثي لها خارجا من احد الحفر وتم اقتياده بطريقه مهينه الي السجن والحكم عليه في محاكمه هزلية بالاعدام شنقا.
ايقنت حمامه ان الحكم سيتم تنفيذه باسرع ما يكون وكانت تتعجب من البطئ في تنفيذ الحكم ولماذا شنقا وليس رميا بالرصاص
حتي اتي عيد الاضحي والجميع يتاهب لصلاه العيد وسط ابتسامات باهته خوفا من القادم وبعد الصلاه والجميع يستعد لنحر الاضحيه تم اعلان تنفيذ حكم الاعدام علي الرمز وكان التوقيت له معني جرح مشاعر الجميع ما بين مؤيد ومعارض
ان يعدم رئيس سواء اتفقت او اختلفت معه
في وقت نحر خروف العيد
بكت حمامه بكاء شديدا في ذلك اليوم
احست بالاهانه وادركت ان الموضوع سيتكرر ولكن المسأله مسأله وقت
وكانها كانت تري منذ ذلك الحين مصير ليبيا واليمن الذين تم قتل زعمائهم بطرق مهينه وشاعت الفوضي في بلادهم فهي شاهدت في ١٩٩١ ما سيحدث في القرن الجديد
تمت قصه قصيره زرقاء الحمامة
م محمود عبد الفضيل/ مصر