مقالات

كان علي ربك حتما مقضيا

جريدة موطني

كان علي ربك حتما مقضيا
بقلم / محمـــد الدكـــرور

كان علي ربك حتما مقضيا

الحمد لله الرحيم الرحمن، علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أنزل القرآن هدى للناس وبينات من الهدي والفرقان، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله سيد ولد عدنان، صلى عليه الله وملائكته والمؤمنون، وعلى آله وأزواجه وخلفائه وجميع أصحابه ومن تبعهم بإحسان ثم أما بعد، يقول الله تعالي ” وإن منكم إلا واردها كان علي ربك حتما مقضيا، ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا ” فيا عباد الله من أراد صلاح قلبه وإستقامة أمره، فليستحضر لقاء ربه، ووقوفه بين يديه، فيا أخي الحبيب تصور نفسك في القيامة وأنت واقف بين الخلائق ثم نودي بإسمك أين فلان ابن فلان؟ هلم إلى العرض على الله، فقمت ترتعد فرائصك، وتضطرب قدمك وتنتفض جوارحك من شدة الخوف وتصور وقوفك بين يدي جبار السموات والأرض.

وقلبك مملوء من الرعب وطرفك خائف، وأنت خاشع ذليل، قد أمسكت صحيفة عملك بيدك، فيها الدقيق والجليل، فقرأتها بلسان كليل، وقلب منكسر، وداخلك الخجل والحياء من الله تعالي الذي لم يزل إليك محسنا وعليك ساترا، فبالله عليك، بأي لسان تجيبه حين يسألك عن قبيح فعلك وعظيم جرمك؟ وبأي قدم تقف بين يديه؟ وبأي طرف تنظر إليه؟ وكيف بك إذا قال لك الله تعالي يا عبدي ما أجللتني، أما استحييت مني؟ إستخففت بنظري إليك؟ ألم أحسن إليك؟ ألم أنعم عليك؟ ما غرك بي؟ “ما غرك بربك الكريم” فيا أخي الحبيب تذكر أهل الإيمان والعمل الصالح حين يخرجون من قبورهم وقد إبيضت وجوههم بآثار الحسنات، لا يحزنهم الفزع الأكبر، وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون، وتذكر عندما يقول الرب تبارك وتعالى بحقهم يا ملائكتي.

خذوا بعبادي إلى جنات النعيم، خذوهم إلى الرضوان العظيم، فأصبحوا بحمد الله في عيشة راضية، وفتحت لهم الجنان، وطاف حولهم الحور والولدان، وذهب عنهم النكد والنصب، وزال العناء والتعب، وتذكر أخي الكريم في المقابل تلك النفس الظالمة المعرضة عن دين الله عز وجل، عندما يقول الله تبارك وتعالى بحقها يا ملائكتي، خذوه فغلوه، ثم الجحيم صلوه، فقد إشتد غضبي على من قل حياؤه مني، فسيقت تلك النفس الآثمة الظالمة إلى نار تلظى، وجحيم تغيّظ وتزفر، وقد تمنت تلك النفس أن لو رجعت إلى الدنيا لتتوب إلى الله وتعمل صالحا وهيهات هيهات أن ترجع، فكبكبت على رأسها وجبينها، وهوت إلى أسفل الدركات وتقلبت بين الحسرات والزفرات، فلا إله إلا الله ما أعظم الفرق بين هؤلاء وأولئك، وصدق الله تعالى إذ يقول ” إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم”

فاتقوا الله عباد الله واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهو لا يظلمون، وإتقوا يوم تدنو الشمس من الخلائق قدر ميل ففي حديث المقداد بن الأسود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” أن الشمس تدنو يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل، قال سليم بن عامر وهو الذي يروي عن المقداد والله ما أدري ما يعني بالميل أمسافة الأرض؟ أو الميل الذي تكحل به العين؟ قال فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون عرقه إلى كعبيه، ومنهم من يكون عرقه إلى ركبتيه، ومنهم من يكون عرقه إلى حقويه، أي مشد الإزار عند الخصر، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما، وأشار صلى الله عليه وسلم بيده إلى فيه ” رواه مسلم، ويقف الناس يقوم القيامة ويحشرون حفاة عراة غرلا، حتى ما قطع من الإنسان في ختانه سيعود عليه مرة أخرى.

فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ” يحشر الناس حفاة عراة غرلا، فقلت الرجال والنساء جميعا ينظر بعضهم إلى بعض؟ فقال الأمر أشد من أن يهمهم ذلك” رواه البخاري ومسلم، والأغرل هو الأقلف.

كان علي ربك حتما مقضيا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى