Uncategorized

كلمة وزير البيئة الأسبق بجمهورية مصر العربية، في الملتقى الدولى لمكافحة التلوث البلاستيكي

جريدة موطني

كلمة وزير البيئة الأسبق بجمهورية مصر العربية، في الملتقى الدولى لمكافحة التلوث البلاستيكي

منصور نظام الدين -نوال مسلم:
مكة المكرمة :-

المستشار الإعلامي لجريدة موطني الدولية

أوصى الأستاذ الدكتور مصطفى حسين كامل أستاذ بعلوم القاهرة ، مدير المركز الإقليمي للتدريب ونقل التكنولوجيا للدول العربية التابع لإتفاقية بازل ، وزير البيئة (الأسبق )بجمهورية مصر العربية، في الكلمة التي ألقاها في الملتقى الدولي لمكافحة التلوث البلاستيكي الذي نفذه الاتحاد العالمي الإسلامي للكشافة والشباب بتنظيم من إدارة البيئة بالاتحاد عن بعد بعدة توصيات
وجاء في كلمته :
بسم الله الرحمن الرحيم،
أصحاب المعالي و السعادة، النخب البيئية، السيدات و السادة، الحضور الكريم،
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته،
يسعدني و يشرّفني اليوم أن أكون معكم و بينكم لرعاية هذا الملتقى الدولي لمكافحة التلوّث البلاستيكي بدعوة من الإتحاد العالمي الإسلامي للكشافة و الشباب ومن تنظيم لجنة البيئة برئاسة الدكتور
فهد عبدالكريم تركستاني، مشكورا،
وحضور عدد كبير من الضيوف من أصحاب المعالي و السعادة و النخب من المتميزين في المجال البيئي على مستوى الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي، لنضع سويا واحدة من أكثر القضايا البيئية إلحاحا على طاولة النقاش العالمي، وهي مكافحة التلوّث البلاستيكي.
الحضور الكريم
لقد بات من المسلّم به أنّ النفايات البلاستيكية وخاصة تلك التي تنتج و تستخدم لمرة واحدة أصبحت تمثّل تحديّا بيئيا عالميا ذا أبعاد متعدّدة، فهي تؤثر على التنوع البيولوجي، تهدّد صحة الإنسان، تخنق سلاسل الإمداد البحرية و تكلّف الإقتصاد العالمي مليارات الدولارات سنويا و بالتالي اقتصادنا العربي.
في السنوات الأخيرة، تصاعدت أزمة التلوّث البلاستيكي لتصبح واحدة من أخطر التحديات البيئية التي تواجه العالم. البلاستيك، الذي كان يعدّ رمزا للتقدّم الصناعي و الراحة الاستهلاكية، أصبح عبئا بيئيا ضخما يهدّد النظم البيئية و الحياة البرية و صحة الإنسان.
مليون طن من البلاستيك سنويا ليس بالرقم الهيّن، نصفه تقريبا مصنف آحادي الاستخدام. و الأسوأ أن أقل من 10% فقط من النفايات البلاستيكية يعاد تدويرها فعليا بينما يتسرّب جزء كبير منها إلى البحار و المحيطات مسبّبا أضرارا جسيمة للكائنات البحرية حيث تقدّر الدراسات أن أكثر من ألف كائن بحري يموت سنويا بسبب ابتلاع البلاستيك أو الاختناق به.
و تشير التقديرات كذلك إلى أن المحيطات تحتوي اليوم على أكثر من 150 مليون طن من البلاستيك و قد يتجاوز وزنها في البحار وزن الأسماك بحلول العام 2050 إذا استمر الوضع على ما هو عليه دون معالجة جذرية. “لنكن جزءا من التغيير الإيجابى ”

السيدات والسادة ، الحضور الكريم
إن تهديد و مخاطر البلاستيك لا تقتصر فقط على الحياة البحرية إنما تتعداها إلى الجسيمات البلاستيكية الدقيقة، الميكروبلاستيك، الموجودة في الهواء الذي نتنفس و الماء الذي نشرب و حتى في ملح الطعام الذي نستخدم، الأمر الذي يثير قلقا عارما على صحة الإنسان و الآثار الجانبية المحتملة.
في مواجهة هذا الواقع المقلق، تحرّك المجتمع الدولي على عدة مستويات لمعالجة هذه الأزمة وكان من أبرز أدوات المواجهة الدولية هي الاتفاقيات البيئية المتعددة الأطراف و على رأسها اتفاقية بازل في العام 1989 و هي الاتفاقية الدولية التي تنظّم حركة النفايات الخطرة عبر الحدود و إخضاعها لمراقبة شديدة للحد من تصدير النفايات إلى الدول النامية دون معالجة بيئية سليمة.
في العام 2001، كانت اتفاقية ستوكهولم و التي تهدف إلى التخلّص من الملوّثات العضوية الثابتة و من ضمنها بعض المواد المستخدمة في إنتاج أنواع معينة من البلاستيك.
إضافة إلى الاتفاقية العالمية الجديدة بشأن التلوّث البلاستيكي في مارس 2022 والتي أطلقتها الأمم المتحدة ضمن مفاوضات دولية تاريخية لصياغة اتفاقية عالمية ملزمة قانونيا للحد من التلوّث البلاستيكي بجميع أشكاله. يمثّل هذا التوجّه خطوة مفصلية في الانتقال من معالجة الأعراض إلى التصدي لجذور المشكلة عبر التحكّم في دورة البلاستيك بأكملها من الإنتاج إلى التخلّص.
عربيا: بدأ العديد من الدول العربية بإتخاذ خطوات ملموسة مثل حظر أكياس البلاستيك أحادية الاستخدام و تشجيع الصناعات البديلة و تفعيل برامج إعادة التدوير. كما تعمل مراكز إقليمية منها المركز الإقليمي لاتفاقية بازل للدول العربية على دعم الدول الأعضاء في بناء القدرات و تطوير المشاريع و تعزيز التعاون الفني لمواجهة التلوّث البلاستيكي.
السيدات و السادة،
مشكلتنا البيئية مع البلاستيك تجاوزت الحدود الجغرافية و السياسية للدول و الجماعات، و بالتالي فإنّ المعالجة الجماعية و التنسيق الإقليمي و الدولي أصبح ضرورة ملحّة و ليست خيارا. من هنا أتى دور المركز الإقليمي لاتفاقية بازل للدول العربية، الذي يمثّل آلية تعاون إقليمي تجسّد روح الشراكة و تترجم أهداف الإتفاقية إلى برامج عمل ملموسة على مستوى المنطقة العربية من خلال رؤية متكاملة، تنطلق من مبدأ أن الحد من التلوّث البلاستيكي يبدأ من السياسات الوقائية و يمر عبر الإدارة االسليمة و لا يكتمل إلا من خلال الشراكة المجتمعية و التكامل الإقليمي.
نحن نؤمن أن الحلول لا يمكن أن تكون تقنية فقط، بل يجب أن تكون تشاركية و مستدامة و أن تتناول دورة حياة البلاستيك كاملة بدء من التصميم والإنتاج وصولا إلى الإستهلاك ثم جمع النفايات و معالجتها بشكل بيئي سليم.
لقد عمل المركز: منذ تأسيسه عام 2004 ، على دعم الدول العربية في بناء قدراتها المؤسسية و التقنية لتطبيق اتفاقية بازل، تقديم الدعم الفني و الاستشاري، تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية و الإقليمية، المشاركة في صياغة السياسات الإقليمية و إطلاق المبادرات الشبابية و المجتمعية لا سيما بعد التعديلات المتعلّقة بالنفايات البلاستيكية التي دخلت حيّز التنفيذ عام 2021.
على الرغم من بعض التحديات التي نواجه على صعيد بعض الدول العربية في هذا المجال كضعف البنية التحتية لإدارة النفايات الصلبة في بعض المناطق ومحدودية التمويل لمشاريع التدوير و الابتكار بالإضافة إلى نقص البيانات الدقيقة حول حجم و توزيع النفايات البلاستيكية، نرى، في المقابل، فرصا حقيقية في تحفيز الاقتصاد الدائري للبلاستيك و خلق وظائف خضراء و تشجيع ريادة الأعمال البيئية و تعزيز دور المرأة و الشباب في هذا المسار في سائر أوطاننا و أرضنا العربية.
الحضور الكريم ،
إنّ التلّوث البلاستيكي ليس قدرا محتوما، بل تحد يمكن التغلّب عليه بإرادة سياسية و تعاون إقليمي و استثمار في الحلول المبتكرة. و لهذا، فإننا نجدد اليوم إلتزامنا بالعمل مع كافة الشركاء من حكومات و منظمات و مجتمع مدني و قطاع خاص من أجل تطوير سياسات أكثر فعالية للحد من إنتاج البلاستيك غير الضروري، تعزيز قدرات الدول على التعامل مع النفايات البلاستيكية بطريقة سليمة بيئيا و تحفيز البحث العلمي و الابتكار في مجال البدائل المستدامة.
ونعود لنذكّر مجددا بأنّ التحدي الذي نواجه اليوم ليس تقنيا فقط بل هو تحد ثقافي، سلوكي وتنموي في جوهره. نحن بحاجة إلى تغيير أنماط الإنتاج والاستهلاك و تبني فكر الاقتصاد الدائري و تحفيز الابتكار في المواد البديلة و تعزيز وعي المجتمعات بدور كل فرد في حماية البيئة. ” فكل قرار صغير يمكن أن يحدث فرقا كبيرا” لنعمل معا من أجل بيئة أفضل
وفي الختام،
إنّ رعايتنا لهذا الملتقى هي امتداد لاهتمامنا بتعزيز التعاون الدولي و إيجاد الحلول للقضايا البيئية و المساهمة في عمل الدراسات البيئية المتقدمة. نحن اليوم أمام فرصة تاريخية لإعادة رسم علاقة الإنسان بالمواد التي يستخدمها بشكل يومي.
إذا أردنا مستقبلا خاليا من النفايات و البلاستيك،فلا بد لنا أن نبدأ اليوم بسياسات شجاعة و تعاون دولي فعال و إرادة حقيقية للتغيير.
لنكن جزءا من الحل ، لا جزءا من المشكلة ، لنكن سفراءا للبيئة فى مجتمعاتنا ، فالإستدامة هى رحلة ، فلنبدأها معا ولنعمل من أجل مستقبل أخضر ، فكل قرار نتخذه اليوم يؤثر على مستقبلنا ، لنكن يدا واحدة فى حماية بيئتنا
فلنجعل هذا الملتقى الغني بالخبرات و النخب البيئية الحاضرة و الداعمة، نقطة انطلاق جديدة نحو شرق أوسط خال من التلوّث البلاستيكي، نحو بيئة أكثر نظافة و اقتصادات أكثر استدامة و مستقبل أكثر أمانا لأطفالنا و أجيالنا القادمة.
مع تمنياتي لكم جميعا بصحة آمنة و بيئات نظيفة و تمنياتي لهذا الملتقى بالنجاح والتوفيق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى