مقالاتمقالات دينية

كما اهتموا بك يومًا.. الآن دورك أن تهتم بهم

جريدة موطني

كما اهتموا بك يومًا.. الآن دورك أن تهتم بهم

 

محمود سعيد برغش 

في مراحل الطفولة الأولى، لا نملك من أمرنا شيئًا. نُولد ضعفاء، عاجزين عن التعبير، عن الحركة، عن الأكل أو اللبس دون مساعدة. وفي تلك اللحظات، كان هناك قلبان لا ينامان، يدان لا تكلان، وأرواح تفيض حبًا… هما الأب والأم.

 

لقد اهتموا بنا في الماضي، وأفنوا سنواتهم في رعايتنا وتعليمنا والوقوف بجانبنا في كل لحظة. واليوم، ونحن في أوج قوتنا وصحتنا، جاء دورنا لنرد المعروف، ونبرّ من كان سببًا في وجودنا بعد الله سبحانه وتعالى.

 

القرآن الكريم يأمرنا ببر الوالدين:

 

قال تعالى:

“وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا”

[الإسراء: 23]

 

لاحظ كيف اقترن بر الوالدين بعبادة الله، في دلالة عظيمة على مكانة هذا البر.

 

ويقول جل وعلا:

“وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا”

[الإسراء: 24]

دعاء نتذكر فيه جميل تربيتهما لنا ونحن صغار، فندعو لهما بالرحمة في الكِبَر، عندما تضعف أجسادهما كما ضعفت أجسادنا يومًا.

 

السنة النبوية تؤكد عظم الأجر في بر الوالدين:

 

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:

“سألتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: أيُّ العملِ أحبُّ إلى اللهِ؟ قال: الصلاةُ على وقتِها. قلتُ: ثم أيٌّ؟ قال: برُّ الوالدينِ. قلتُ: ثم أيٌّ؟ قال: الجهادُ في سبيلِ اللهِ”

[رواه البخاري ومسلم]
كما اهتموا بك يومًا.. الآن دورك أن تهتم بهم
كما اهتموا بك يومًا.. الآن دورك أن تهتم بهم

وفي حديث آخر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف من أدرك أبويه عند الكبر، أحدهما أو كليهما، ثم لم يدخل الجنة”

[رواه مسلم]

وهذا تأكيد على أن خدمة الوالدين في كبرهما من أعظم أبواب الجنة.

 

كما اهتموا بك يومًا.. الآن دورك أن تهتم بهم

برّهم لا يكون فقط بالأفعال، بل بالكلمة والنظرة والصبر:

 

قال تعالى:

“فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا”

[الإسراء: 23]

 

حتى “أفّ” – وهي أقل كلمة تضجر – نهى الله عنها. فكيف بمن يصرخ أو يهين أو يهمل والديه في كبرهم؟

 

خاتمة:

 

من ربّى وربط حذاءك صغيرًا، يستحق أن تمسك بيده وتدعمه كبيرًا.

من سهِر على مرضك طفلاً، يستحق أن تجلس بجانبه عند ضعفه.

فلا تكن من الذين ينسون المعروف، وكن ممن قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم:

“أنت ومالك لأبيك”

[رواه ابن ماجه]

 

بر الوالدين ليس معروفًا نرده، بل فريضة نؤديها، وسبب للنجاة في الدنيا والآخرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى