**كن إنسانا قبل أن تكون معلما**
بقلمى : د/علوى القاضى.
… وقفت المعلمة وقالت للتلاميذ : ” إنني أحبكم جميعا ”
… وهي تستثني في نفسها تلميذ يدعى ( تيدي ) ، لأن ملابسه دائما شديدة الإتساخ
، ومستواه الدراسي متدن ، ومنطوي على نفسه
… وهذا الحكم الجائر منها كان بناء على مالاحظته من سلوكه خلال العام فهو لايلعب مع الأطفال وملابسه متسخة ، ودائما يحتاج إلى الحمام ويترك الحصة ، وأنه كئيب ، لدرجة أنها كانت تجد متعة في تصحيح أوراقه بقلم أحمر ، لتضع عليها علامات x بخط عريض وتكتب عبارة راسب في الأعلى
… ذات يوم طلب مدير المدرسة منها مراجعة السجلات الدراسية السابقة لكل تلميذ وبينما كانت تراجع ملف تيدي فوجئت بشيء ما غريب لفت أنظارها !
… لقد كتب عنه معلم الصف الأول : تيدي طفل ذكي وموهوب ويؤدي عمله بعناية وبطريقة منظمة
… وكتب معلم الصف الثاني : تيدي تلميذ نجيب ومحبوب لدى زملائه و لكنه منزعج بسبب إصابة والدته بمرض السرطان
… أما معلم الصف الثالث كتب : لقد كان لوفاة أمه وقع صعب عليه لقد بذل أقصى ما يملك من جهود لكن والده لم يكن مهتما به وأن الحياة في منزله سرعان ماستؤثر عليه إن لم تتخذ بعض الإجراءات
… بينما كتب معلم الصف الرابع : تيدي تلميذ منطو لايبدي الرغبة في الدراسة وليس لديه أصدقاء وينام أثناء الدرس
… وهنا صحا ضميرها وأدركت المعلمه تومسون المشكلة وشعرت بالخجل من نفسها !
… وقد تأزم موقفها عندما أحضر التلاميذ هدايا عيد الميلاد لها ملفوفة بأشرطة جميلة ماعدا الطالب ( تيدي ) كانت هديته ملفوفة بكيس مأخوذ من أكياس البقاله
… تألمت المعلمة ( تومسون ) وهي تفتح هدية تيدي وضحك التلاميذ على هديته وهي عقد مؤلف من ماسات ناقصة الأحجار وقارورة عطر ليس فيها إلاربعها
… ولكن كف التلاميذ عن الضحك عندما عبرت المعلمة عن إعجابها بجمال العقد والعطر وشكرته بحرارة ، وارتدت العقد ووضعت شيئا من ذلك العطر على ملابسها ،
ويومها لم يذهب ( تيدي ) بعد الدراسة إلى منزله مباشرة بل إنتظر ليقابلها وقال لها : ” إن رائحتك اليوم مثل رائحة والدتي ” !
… عندها انفجرت المعلمة بالبكاء لأن ( تيدي ) أحضر لها زجاجة العطر التي كانت والدته تستعملها ووجد في معلمته رائحة أمه الراحلة !
… منذ ذلك اليوم أولت المعلمة إهتماما خاصا به وبدأ عقله يستعيد نشاطه ، وبنهاية السنة أصبح تيدي أكثر التلاميذ تميزا في الفصل ، ثم وجدت المعلمة مذكرة عند بابها للتلميذ ( تيدي ) كتب بها أنها أفضل معلمة قابلها في حياته ، فردت عليه : ” أنت من علمني كيف أكون معلمة جيدة ”
… وانتقل ( تيدى ) إلى مراحل دراسية متقدمة وانقطعت أخباره عن معلمته
… بعد عدة سنوات فوجئت هذه المعلمة بتلقيها دعوة من كلية الطب لحضور حفل تخرج الدفعة في ذلك العام موقعة باسم ابنك ( تيدي )
… فحضرت وهي ترتدي ذات العقد و تفوح منها رائحة ذات العطر
… أخى الكريم ، هل تعلم من هو تيدي الآن ؟!
… إنه ( تيدي ستودارد ) أشهر أطباء العالم فى علاج السرطان
… أحبابى ياترى كم طفل دمرته مدارسنا بسبب سوء التعامل ؟! وكم تلميذ هدمنا شخصيته ؟! بسبب تنمر واهمال المعلمين والتلاميذ له
… كن إنسانا قبل أن تكون معلما
… تحياتى …