مقالاتمقالات دينية

لا تنسي نصيبك من دنياك 

لا تنسي نصيبك من دنياك 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

أحمده الحمد كله، وأشكره الشكر كله، اللهم لك الحمد خيرا مما نقول، وفوق ما نقول، ومثلما نقول، لك الحمد بكل نعمة أنعمت بها علينا في قديم أو حديث، عز جاهك، وجل ثناؤك، وتقدست أسماؤك، ولا إله إلا أنت، أشهد أن لا إله إلا الله شهادة أدخرها ليوم العرض على الله، شهادة مبرأة من الشكوك والشرك، شهادة من أنار بالتوحيد قلبه، وأرضى بالشهادة ربه، وشرح بها لبه، وأصلي وأسلم على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، صلى الله وسلم على كاشف الغمة، وهادي الأمة، ما تألقت عين لنظر، وما اتصلت أذن بخبر، وما هتف حمام على شجر، وعلى آله بدور الدجى، وليوث الردى، وغيوث الندى، وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد، يا أخي الكريم لا تنسي نصيبك من دنياك، ولا تهمل معادك وآخرتك عش لدنياك كأنك تعيش دوما، وإعمل لآخرتك كأنك تموت غدا.

أما العزم فإحرص على أن تكون ممن عزائمهم قوية، هممهم عالية لتكون غاياتك على مستوى هممك وعزمك، إذ لو كان عزمك صغيرا فلن تتجاوز غاياتك ذلك العزم قدرا، وكذا مكارمك وأعطياتك إنما تقاس على قدر كرمك وعلو نفسك، فقد قيل علي قدر أهل العزم تأتي العزائم، وتأتي علي قدر الكرام المكارم، أما صغار النفوس فإن صغار الأمور كبيرة في عيونه وكذا كبار النفوس إنما تصغر في عينهم عظام الأمور، فعليك أن تكبر أن تكون صغيرا فقد قيل وتعظم في عين الصغير صغارها، وتصغر في عين العظيم العظائم، وما عمر الإنسان قياسا بما عاشه من سنين وإن كانت كثيرة، غير أننا عندما نعيش لأنفسنا تصبح أعمارنا قصيرة، وعندما نعيش لأنفسنا وللآخرين تمتد أعمارنا إلى ما بعد موتنا، فعلى الإنسان أن لا يعيش لنفسه فحسب بل للآخرين.

وما إستحق أن يولد من عاش لنفسه، والنجاح لا يأتي بدون جهد، ولا يجنى من غير زرع، وإذا ما زرعته فإنك جانيه، ولا شك من زرع النجاح جناه، والنجاح لا يأتي إلا من النفوس القوية، والتي تتحلى بالإرادة وقوة العزم، ولربما رأى أحد أن القوة هي أن تطيح بخصمك، ذاك جانب من القوة، وليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب، أي بمعنى أن القوة في النفس والتحكم بها، وإذا ما تحكمت بنفسك وكنت سيدها فإن ذلك يؤهلك لتكون سيدا على العالم، ذلك بحفظك نفسك، وتحكمك بتصرفك، لتكون سيد العالم كن سيد نفسك، وسُئل أحدهم بما سدت قومك ؟ قال لم أخاصم أحدا إلا تركت للصلح موضعا، ومما يعرف به السيد تركه الشتم واللعن وتفاتف الأمور ونقائص النفوس ومعاداة الخلق من غير حق، فقد قال أحد كبار النفوس. 

ما شاتمت رجلا منذ كنت رجلا، لأني لم أشاتم إلا أحد رجلين إما كريم، فأنا أحق أن أجله، وإما لئيم فأنا أولى أن أرفع نفسي عنه، وحسب المرء أن يكف أذاه عن غيره فمن رزقه الله مالا فبذل معروفه وكف أذاه فذلك السيد، ومما يعرف به السيد رجحان العقل واكتماله، وتبصر طريقك أخي القارئ إلى شيء غاية في الأهمية في حياتنا، هو ما يسعى لتحقيقه الأخيار، هو الإحسان، وله أوجه متعددة، وأيا كان وجه الإحسان فإنه مرغوب ومحبب عند أهل الفلاح والتوفيق، وقديما قيل أحسن كما تحب أن يحسن إليك، ولإحسان ثمرة كل عمل رفيع، إذن ليكن لك أجر عن عملك وهو الإحسان، لا أجر لمن لا حسنة له، وليغتنم أحدنا فرصه السانحة لبسط يد الإحسان، فلربما لا يكون بمقدورك فعله لعائق ما، ولا إحسان كإحسانك إلى نفسك، إذ بإحسانك لنفسك تحسن للناس أجمعين. 

ولك الأمر في ذلك، وناهيك عن أنه من لا يحسن إلى نفسه لا يحسن إلى غيره، وأكثر ما يبتغيه الإنسان من أخيه هو الإحسان، فبه يسلم لك الإنسان محاسن ظنه وتنقاد لك مباهجه، ومن ألوان الإحسان وصنوفه العفو والمغفرة هو عن زلات تعرضت لها، ولا تتوقع أن يضيع صنيع ما عملته وإن قل ذلك الصنيع والإحسان، فمهما يصغر الإحسان فإنه لا يضيع.

لا تنسي نصيبك من دنياك 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى