لا يعاشر إلا طيبا ولا يمس إلا طاهرا
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الغفور الودود الكريم المقصود الملك المعبود قديم الوجود، المتعالي عن الأمثال والأشكال والجهات والحدود، لا يخفى عليه دبيب النملة السوداء في الليالي السود، ويسمع حس الدود في خلال العود، وتردد الأنفاس في الهبوط والصعود، القادر فما سواه فهو بقدرته الوجود، وبمشيئته تصاريف الأقدار، وأشهد إن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو علي كل شيء قدير شهادة أدخرها عنده ليوم اللقاء، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه، خاتم الرسل والأنبياء، وسيد النجباء والأولياء والأصفياء، المتصف بالصدق والوفاء، صلي الله عليه وعلي اله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته وإقتدى بهديه وإتبعهم بإحسان إلي يوم الدين ونحن معهم يا أرحم الراحمين ثم أما بعد.
إن الله سبحانه وتعالى كرم أزواج النبي المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم حيث منّ عليهن بصحبته في الدنيا والآخرة، فهن أفضل النساء، كما قال تعالى ” يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن ” ومما يدل على فضلهن، هو إختيارهن صحبته صلى الله عليه وسلم عندما خيرهن بين البقاء في عصمته، وبين مفارقتهن، وإعطائهن بعض المال، فإخترن الله ورسوله، كما في الحديث المتفق عليه، وأيضا مضاعفة ثواب الطاعة لهن، وأنهن في الجنة في منزلته صلى الله عليه وسلم حيث قال ابن كثير في تفسيره عند قوله تعالى ” وأعتدنا لها رزقا كريما ” أي في الجنة، فإنهن في منازل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أعلى العليين، فوق منازل جميع الخلائق في الوسيلة التي هي أقرب منازل الجنة إلى العرش، وأيضا تلاوة القرآن في بيوتهن، حيث ذكرهن الله تعالى بهذه النعمة العظيمة.
حيث قال تعالي ” واذكرن ما يتلي في بيوتكن من آيات الله والحكمة ” وهن طاهرات لم تصدر منهن فاحشة لما أكرمهن الله به من العفة والصلاح، وقال ابن كثير أيضا بعد قوله تعالى ” يا نساء النبي من يأتي منكن بفاحشة مبينة ” قال ابن عباس رضي الله عنهما هي النشوز وسوء الخلق، وعلى كل تقدير فهو شرط، والشرط لا يقتضي الوقوع، كقوله تعالى ” لئن أشركت ليحبطن عملك ” إلى أن قال فلما كانت محلتهن رفيعة ناسب أن يجعل الذنب لو وقع منهن مغلظا، صيانة لجنابهن وحجابهن الرفيع، لهذا يضعف لهن العذاب ضعفين، ومع هذه المنزلة الرفيعة، فإن الله تعالى لم يعطي العصمة إلا للأنبياء والرسل، أما غيرهم فداخل في قوله تعالى في الحديث القدسي ” يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا، فاستغفروني أغفر لكم ” رواه مسلم.
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون ” رواه الحاكم، ولم يكن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ليعاشر إلا طيبا ولا يمس إلا طاهرا، ولا يوّد إلا محبوبا، إنهن زوجاته الطاهرات فقد عشن في كنفه وإرتشفن من ريقه، وبكين لهمه وتألمن لألمه، وسررن لفرحه، وعبقت غرفهن بطيب ريحه وتنسمن هواءه وسعدن بمعشره، وتقول السيدة سودة رضي الله عنها كانت لنا شاه فدبغنا مسكها ثم ما زلنا ننبذ فيها حتى صار شنا” والسيدة زينب بنت جحش زادت على ذلك كونها صناع تدبغ وتخرز، وتتصدق في سبيل الله تعالي، وتأبى السيدة صفية بنت حيي رضي الله عنها علي نفسها الفياضة أن تدع آل عثمان بن عفان محبوسين في الفتنة، فقيل أنها خرجت على بغلتها فلما منعوها وضعت خشبا بين منزلها ومنزل عثمان فكانت تنقل عليه الطعام والماء.
لا يعاشر إلا طيبا ولا يمس إلا طاهرا