المقالات

 لكل منا مقام معلوم

جريدة موطني

لكل منا مقام معلوم

 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

 

الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد قيل أنه عندما أسري بالنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فى الإسراء والمعراج، قد اصطحب أمين الوحي جبريل عليه السلام رسولنا وحبيبنا إلى السماء، فوقف جبريل ولم يكمل، حتى سأله النبي صلى الله عليه وسلم، لماذا توقف؟ ثم قال جبريل عليه السلام لكل منا مقام معلوم يا رسول الله، إذا أنت تقدّمت اخترقت، وإذا أنا تقدّمت احترقت، وصار جبريل كالحلس البالي من خشية الله، فتقدم النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى سدرة المنتهى واقترب منها.

 

حتى سمع صرير الأقلام، وسبحان الله، فكيف أن جبريل سيد الملائكة لم يكمل مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، حتى سمع ما سمع، وفي سوره الحجر قال الله تعالى ” وحفظناها من كل شيطان رجيم، إلا من استرق السمع فاتبعه شهاب مبين” وقيل أن جبريل أعلى من الشياطين مكانة، ولم يسمع شيئا، والشياطين تسترق السمع؟ فقيل فى هذا أنه لا علاقة ولا تعارض بين تمكن الشياطين من استراق السمع، وبين ما رُوي أن جبريل عليه السلام لم يتجاوز سدرة المنتهى في السماء السابعة لأن الشياطين إنما تسترق السمع مما تتكلم به الملائكة في السماء الدنيا، بل ما في السحاب، ثم إن أحاديث الإسراء والمعراج مشهورة معلومة بأسانيدها، وليس في شيء منها حسب ما اطلعنا عليه التصريح بما ذكرناه الآن عن جبريل عليه السلام.

 

وإنما ورد في بعض آثار لم نقف على سند لها ما يفيد أن جبريل عليه السلام فارق النبي صلى الله عليه وسلم عند سدرة المنتهى، ومن ذلك ما نقله النووي عن القاضي عياض أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قال” فارقني جبريل وانقطعت عني الأصوات” ومنها كذلك ما حكاه ابن عاشور في تفسيره عن مقاتل في قوله تعالى كما جاء فى سورة الصافات ” وما منا إلا له مقام معلوم ” وقد قيل أنه إذا كان حساب الناس فى الآخرة قسم إلى الجنة، والآخر إلى جهنم، فكيف بالآيات التي تتحدث عن الجنة ونعيمها، كالآية الكريمة ” وجاء ربك والملك صفا صفا؟ والرسول صلى الله عليه وسلم في ليلة المعراج مرّ على جهنم، ورأى النساء يعذبن؟ فإنه لا تعارض بين كون الحساب إنما يقع في القيامة، وبين ما رآه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.

 

من أصناف المعذبين حين عرضت عليه النار، وذلك أن هذا من أمور الغيب التي يجب تفويض الأمر فيها لله تعالى، وتسليمها له لقصور العقول عن إدراك حقائقها، وقد سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله كيف رأى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أحوال أهل الجنة، وأحوال أهل النار ليلة الإسراء والمعراج، مع أن الساعة لم تقم بعد؟ فأجاب بقوله إن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أخبرنا بذلك وأنه رأى الجنة والنار، ورأى أقواما يعذبون وأقواما ينعمون، والله أعلم بكيفية ذلك، لأن أمور الغيب لا يدركها الحس، فمثل هذه الأمور إذا جاءت يجب علينا أن نؤمن بها كما جاءت، وأن لا نتعرض لطلب الكيفية، ولم؟ لأن عقولنا أقصر وأدنى من أن تدرك هذا الأمر، وقد يقال إنه رآهم وهم يعذبون في البرزخ.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار