
ما وراء القصف: لماذا لن تتوقف إسرائيل عن ضرب إيران؟
بقلم: د. محمود محمد المصري
في ضوء تصاعد التوتر العسكري بين إسرائيل وإيران، يطرح كثيرون سؤالًا محوريًا: لماذا لا تتوقف إسرائيل عن قصف إيران؟ والإجابة، كما تكشف الوقائع على الأرض، تتجاوز مجرد ردود الفعل العسكرية، لتكشف عن استراتيجية طويلة الأمد تستهدف بنية النظام الإيراني نفسه، وتحديدًا برنامجه النووي.
أولًا: ضربات ذات نتائج مباشرة
السبب الجوهري وراء استمرار إسرائيل في عملياتها الجوية ضد إيران، هو تحقيق نتائج عسكرية مباشرة ومؤثرة، على رأسها تفكيك منظومة البرنامج النووي الإيراني، فإسرائيل لا تسعى إلى حرب مفتوحة، لكنها تركز على “الضربات الذكية” التي تُضعف البنية التحتية النووية الإيرانية بشكل تدريجي ومنهجي.
ومن هنا، لا يشغل إسرائيل في الوقت الراهن استهداف المدنيين، بقدر ما تركز على شل قدرات طهران النووية والعسكرية بدقة متناهية.
ثانيًا: سماء إيران مكشوفة
من أبرز إنجازات إسرائيل العسكرية في هذه المرحلة هو نجاحها في قصف أهداف داخل إيران من داخل الأراضي الإيرانية نفسها، وهو ما يكشف هشاشة الدفاعات الجوية الإيرانية، ويؤكد أن سماء طهران أصبحت مكشوفة بالكامل أمام سلاح الجو الإسرائيلي، وهذا التطور شكل تحولًا استراتيجيًا خطيرًا في ميزان القوة.
ثالثًا: انهيار القيادة العسكرية الإيرانية
لقد نجحت إسرائيل في تحييد عدد كبير من القادة العسكريين الإيرانيين عبر عمليات اغتيال دقيقة، مما أحدث فراغًا واضحًا في صفوف القيادة العسكرية، وهذا الوضع دفع كثيرًا من الضباط إلى التهرب من مواقع المسؤولية أو حتى الهروب خارج البلاد خوفًا من المصير نفسه، والنتيجة كانت فوضى قيادية في بنية الجيش الإيراني لا تزال آثارها تتفاقم.
رابعًا: ردود إيرانية فوضوية وغير دقيقة
في المقابل، تواصل إيران الرد على القصف الإسرائيلي من خلال هجمات صاروخية عشوائية غير دقيقة، لا تستهدف منشآت عسكرية، بل غالبًا ما تسقط في مناطق مدنية، مما تسبب في أضرار مادية جسيمة داخل إسرائيل، لكن دون تأثير حقيقي على قدراتها العسكرية.
وعلى الرغم من كثافة الهجمات، فإن الخسائر البشرية الإسرائيلية تظل محدودة مقارنةً بعدد الصواريخ التي أُطلقت.
ختامًا: بينما لا تزال إيران تعتمد تكتيك الردع التقليدي عبر الصواريخ، فإن إسرائيل تعمل وفق منهج هجومي مركز ومدروس لتفكيك قدرات طهران النووية والعسكرية.
وبهذا يتضح أن إسرائيل لن تتوقف عن القصف، ما دامت تحقق أهدافًا استراتيجية ملموسة دون خسائر كبيرة على الأرض.
ما القادم؟
يبقى الملف مفتوحًا على احتمالات أخطر، أبرزها انضمام تحالفات دولية للطرفين، فإسرائيل تحتاج إلى دعم لتقليل خسائرها المادية وحماية جبهتها الداخلية، بينما إيران في أمس الحاجة إلى ترتيب صفوفها بعد حالة الانهيار التنظيمي في جيشها.
لكن المؤكد أن أي تدخل دولي فاعل لن يحدث إلا بعد أن تصل إيران إلى مرحلة الانهيار الكامل.