المقالات

الدكروري يكتب عن به التمييز بين الحق والباطل

    بقلم / محمـــد الدكـــروري

    إن العقل نعمة من الله تعالى اختص بها الإنسان عن سائر الكائنات، فالحيوانات عندها غرائز تحركها، غريزة الطعام الشراب وغيرها، وهذه الغرائز هي التي تحركها، ولكننا ميزنا الله بالعقل الذي نستطيع به أن ندرك وأن نعي الأشياء من حولنا، ونستطيع به التمييز بين الحق والباطل، وبين الصواب والخطأ، فالعقل ميز الله به الإنسان عن سائر الكائنات وجعله سيدا في هذا الكون، فقال الله تعالى فى سورة الجاثية ” وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون” وبين لنا الله تعالى أن العقل ينبغي أن يكون هاديا إلى الله عز وجل، ومثل العلماء الشرع بالنسبة للعقل بالنور بالنسبة للعين فكما أن العين لا تبصر في الظلام فتحتاج للنور لتبصر فكذلك العقل.

    حتى يدرك الأشياء على نحو صحيح فإنه يحتاج لنور الشرع ويدرك ويميز، ومن هنا كانت أول آيات الوحي “اقرأ باسم ربك الذي خلق” لأن القراءة على غير هدى من الله عز وجل هي عرضة للوقوع في الأهواء والأخطاء والضلالات، ولم يخلقنا الله سبحانه وتعالى على عقل واحد بصفات واحدة وإلا لتشابهنا في التفكير والاتجاهات وغير ذلك فميز الله عقولا عن عقول وجعل الإدراك يتفاوت من شخص لآخر، وطرق التفكير تتفاوت من أمة إلى أمة ومن قوم إلى قوم ومن شخص إلى آخر، وهذا مما يهتم بدراسته علماء النفس، لكن مما لا شك فيه أن هناك تفاوت في العقول هذا التفاوت سيؤدي حتما إلى التفاوت في الآراء والميول والدوافع الفطرية، والتفكير وغير ذلك، وإن هذا العقل الذي أكرمنا الله به لا يدرك كل شيء.

    فقد جعل الله لكل الحواس عندنا حد معين تنتهي عنده، فالعين لها قوة محدودة على الإبصار فلا تستطيع أن تميز ما هو أقل الأشياء الدقيقة، ولا ما هو ضخم جدا كالمجرات والأفلاك، وكذلك السمع له حد معين، فلولا رحمة الله بنا لكنا نسمع الآن الهواتف وموجات الراديو والتلفزة، وأصوات الحيوانات، والأصوات بالشارع وهكذا، فجعل للسمع حدا معينا لا نسمع أدنى من ذلك ولا أكثر من ذلك، وهكذا في سائر الحواس، كذلك العقل له حدود ينتهي عندها لا يستطيع أن يفهم أو أن يعي الأشياء التي هي أعلى من قدرته ووعيه، وقد جاء في آيات كثيرة من القرآن الحديث عن العقل وإعمال العقل، وليس هناك دين من الأديان اهتم بالعقل وتحريكه وتشغيله كدين الإسلام، فهناك أديان تضيق بالعقل, ولا ترحب بالفكر.

    وتبني الإيمان على التسليم الأعمى, الذي لا يرى للعقل مجالا, ولا للفكر متسعا, شعارهم اعتقد وأنت أعمى، أغمض عينيك ثم اتبعني، وإذا سألت عن شيء يقال هذا سر من أسرار الدين، وبعض الديانات لا تعرف أسرارها إلا بعد بلوغ سن الثلاثين، وبعض الديانات لا تعرف أسرارها إلا لمن بلغ مرتبة معينة في هذه الديانة وهكذا، أما الإسلام فهو دين متاح للجميع ولذلك ليس عندنا في الإسلام أسرار ورجال دين اختصوا بفهم الدين دون الناس إنما عندنا علماء في الدين وكلنا رجال لهذا الدين، ففهم الإسلام ليس حكرا على طبقة تسمى برجال الدين، إنما هو متاح للجميع ولكن هناك من يتخصص في الإسلام كشريعة وإفتاء وتعليم وهكذا، فإن الإسلام يريد إنسانا عاقلا مفكرا, يفكر برأسه, لا يفكر برأس غيره.

    يريد إنسانا عاقلا،لا يريده آلة صماء, ولا بهيمة عجماء, تقاد فتنقاد, إنما لك عقل تدرك وتميز به، فلست مقلدا للآباء ولا للكبراء والسادة، ونعى القرآن على هؤلاء الذين ألغوا عقولهم، فقال سبحانه وتعالى فى سورة البقرة ” وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما أليفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون” وقال تعالى فى سورة الأعراف “أولم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة إن هو إلا نذير مبين” وقال تعالى “أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض” وقال تعالى “إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب” وقال تعالى ” لآيات لقوم يعقلون” وقال تعالى ” إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون ” وقال تعالى ” قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون” وكل هذه الآيات ونظائرها كثيرة لتحريك العقل، فلماذا جمدت عقلك وصرت تفكر بعقل غيرك؟ ولماذا تنيب غيرك في توجيهك دون أن يكون لك محل من النظر والتفكير ؟

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار