تعازي

مشهد نداء ملك الموت

مشهد نداء ملك الموت

محمود سعيد برغش
قال القرطبي مثل نفسك يا مغرور وقد حلت بك السكرات ونزل بك الانين والغمرات فمن قائل يقول ان فلان قد اوصى وما له قد احصى ومن قائل يقول ان فلان ثقل لسانه فلا يعرف جيرانه ولا يكلم اخوانه فكاني انظر اليك تسمع الخطاب ولا تقدر على رد الجواب فخير نفسك يا ابن ادم اذا اغسط من فراشك الى لوح مغسلك فقص لك الغاسل والبست الاكفان واوحش منك الاهل والجيران وبقت عليك الاصحاب والاخوان وقال الغازي اين زوجه فلان واين اليتامى لقدركم ابوكم فماتوا له بعد هذا اليوم ابدا يا لهم مشهد مهيب ويتحدد من خلاله مصير العبد اما الى ظل الضليل واما الى شر مقيد يقول صاحب الاحياء رحمه الله عليه اعلم انه لو لم يكن بين يد العبد المسكين كرب ولا هول ولا عذاب سوى سكرات الموت بمجردها لكان جديرا بان يتلخص عليه عيشه ويتقدر عليه سروره ويفاركه سهوه وغفلته وحقيقا بان يطول فيه فكره ولا سيما وهو في كل نفس بصدده كما قال بعض الحكماء كرب بيد سواك لا تدري متى يغشاك وقال لقمان لابنه يا بني اامر لا تدري متى يلقاك استعد له قبل ان يفاجئك والعجب ان الانسان لو كان في اعظم اللذات واطيب مجالس لهم فانتظر ان يدخل عليه اسد فيضربه خمس ضربات لتكدرت عليه لذاته وفسد عليه عيشه وهو في كل نفس بصدد ان يدخل عليه ملك الموت بسكرات النزع وهو عنه غافل فما لهذا سبب الا الجهل والغرور واعلم ان شده الالام في سكرات الموت لا يعرفها بالحقيقه الا من ذاقها والنزع عباره عن مؤلم نزل بنفس الروح فاستغرق جميع اجزاء حتى لم يبقى جزءا من اجزاء الروح المنتشر في اعماق البدن الا وقد حل به الالام فالم النزعي يهجم على نفس الروح ويستغرق جميع اجزائه فانه المنزوع المكذوب من كل عرق من العروق وعصب من الاعصاب وجزءا من الاجزاء ومفصل من المفاصل ومن اصل كل شعره وبشرهم يا الفرق الى القدم فلا تسال عن كربه حتى قالوا ان الموت الاشد من ضرب بالسيف ونشر بالمناشير وقرض بالمقاريض لان قطع البدن بالسيف انما يؤلم لتعلقه بالروح فكيف اذا كان المنزوع نفس الروح وانما يستغيث المضروب ويصيح لبقاء قوته في قلبه وفي لسانه انما انقطع صوت الميت وصياحه من شده المهمه لان القلب قد بالغ فيه وتصاعد على قلبه وبلغ كل موضع منه فهد كل قوه وضعف كل جارحه فلم يترك له قوه لاستغاثه اما العقل فقد غاشيه وشوشه واما اللسان فقد اركبه اما الاطراف قد ضعفها ويود لو قدر على الاستراحه بالانين وصياح بالاستغاثه ولكنه لا يقدر على ذلك فان بقيت فيه قوه سمعت له عند نزع الروح وجذبها خوره وغرغره من حلقه وصدره وقد تغير لونه واربد حتى ظهر منه التراب الذي هو اصل فطرته وقد جذب منه كل عرق على حيله فالالام منتشره في داخله وخارجه حتى ترتفع الحققتان الى اعلى اجفانه وتتقلص الشفتان ويتقلص اللسان الى اصله وترتفع الانثيان الى اعلى مواضعهما وتغدر انامله فلا تسل عن بدن يجذب منه كل عرق من عروقه ولو كان المكذوب عرقه واحده لكان المهمه عظيما فكيف والمجذوب نفس الروح المتالم لا من عرق واحد بل من جميع العروق ثم يموت كل عضو من اعضائه تدريجيا فتبرد اولا قدما ثم ساقاه ثم فغذى ولكل عضو سكره بعد سكره او كربه بعد قربه حتى يبلغ بها الى الحلقوم فعند ذلك ينقطع نظره عن الدنيا واهلها ويغلق دونه باب التربه وتحيط به الحسره والندامه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى يقبل توبه العبد ما لم يغرغر وقال مجاهد في قوله تعالى وليست التوبه للذين يعملون السيئات حتى اذا حضر احدهم الموت قال اني تبت الئن
قال اذا عاين الرسل فعند ذلك تبدو له صفحه وجهه ملك الموت فلا تسال عن طعم مراره الموت وقربته عند ترادف سكراته ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم هون علي سكرات الموت والناس انما لا يستعيذون منه ولا يستطيع زمونه لجهلهم به فان الاشياء قبل وقوعها انما تدرك بنور النبوه والولايه ولذلك عظم خوف الانبياء والاولياء من الموت حتى قال عيسى عليه السلام يا معشر الحواريين ادعو الله تعالى ان يهون على هذه السكره يعني الموت فقد خفت الموت مخافه حتى اوقفني خوفي من الموت على الموت وروى ان نفرا من بني اسرائيل مروا مقبره فقال بعضهم لبعض لوضعتهم الله تعالى ان يخرج لكم من هذه المقبره ميتا تسالونه فدعوا الله تعالى فاذا هم برجل قد قام وبين عينيه السجود قد خرج من قبور فقال يا قوم ما اردتم مني لقد ذقت الموت منذ 50 سنه ما سكنت مراره الموت من قلبي وقالت السيده عائشه رضي الله عنها لا ارغبت احدا يهون عليه الموت بعد الذي رايت بشده رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان علي رضي الله عنه يحض على القتال ويقول ان لم تقتلوا تموتوا والذي نفسي بيده لالف ضربه بالسلف اهون عليهم من موت على الفراش قال اوزعي بلغنا ان الميت يجد الم الموت ما لم يبعث من قبره وقال شداد ابن اوس الموت افزع هول في الدنيا والاخره على المؤمن وهو اشد من نصه المناشير وقرض بالمقاريض وغلي في القدور لو ان الميت رجع فاخبر اهل الدنيا بالموت فانتفعوا بعيش ولا لذوا بنوم وعن زيد بن اسلم عن ابيه قال اذا بقى على المؤمن من درجاته شيء لم يبلغها بعملي شدد عليه الموت ليبلغ بسكرات الموت وقربه درجاته في الجنه واذا كان للكافر معروف لم يجزي به هون عليه في الموت ليستكمل ثواب المعروف فيسير الى النار وعن بعضهم انه كان يسال كثيرا من المرضى كيف تجدون الموت فلما مرض قيل له فانت كيف تجد فقالت ان السماوات مطبقه على الارض وكان نفسي يخرج من ثقب ابره وقال صلى الله عليه وسلم موت الفجاه اخذه اسفه وروع النبي صلى الله عليه وسلم انه كان بين يديه ركوه فيها ما فجعل يدخل يده فيه الماء فيمسح بها وجهه يقول لا اله الا الله ان للموت لسكرات وفي روايه اللهم اعني على سكره الموت وفاطمه رضي الله عنها تقول وكرباه لقربك يا ابتاه ويقول لا قربه عليه ابيك بعد اليوم وقال عمر رضي الله عنه لكعب الاحبار يا كعب حدثنا عن الموت فقال نعم يا امير المؤمنين ان الموت غصن كثير الشوق ادخل في جوف رجل اخذت كل شوكه بعرق ثم جذبه رجل شديد الجزم فاخذ ما اخذ وابقى ما ابقى اقول قد يشتد على الموت سكرات الموت بسبب ذنوبه ث

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار