“مصر تهدي العالم نورًا لا ينطفئ” في اليوم العالمي للكنيسة القبطية: العالم يحيي إرث مار مرقس ومصر تحتفي بجذورها الروحية
جريدة موطني

“مصر تهدي العالم نورًا لا ينطفئ”
في اليوم العالمي للكنيسة القبطية: العالم يحيي إرث مار مرقس ومصر تحتفي بجذورها الروحية
بقلم: الجيوفيزيقي محمد عربي نصار
في الأول من يونيو، تحتفل الإنسانية بواحدة من أعمق الصفحات الروحية في التاريخ، اليوم العالمي للكنيسة القبطية، والذي أصبح منذ إطلاقه عام 2019 مناسبة عالمية للاعتراف بالدور المحوري للكنيسة القبطية الأرثوذكسية في إثراء الفكر المسيحي، وتعزيز قيم السلام والمحبة.
الكنيسة القبطية، التي أسسها القديس مرقس الإنجيلي في مدينة الإسكندرية في القرن الأول الميلادي، تمثل أقدم كيان كنسي في إفريقيا، وجذورًا ممتدة في عمق الهوية المصرية. وعلى مدار قرون، ظلت الكنيسة منارة مضيئة، قاومت الاضطهاد، وثبتت على العقيدة، وشاركت في بناء الدولة المصرية الحديثة جنبًا إلى جنب مع شركائها في الوطن.
ويكتسب هذا اليوم أهمية خاصة في ظل التحديات المعاصرة التي تهدد وحدة الشعوب واستقرار الأوطان. فالكنيسة القبطية لم تكن يومًا مؤسسة دينية فحسب، بل كانت مدرسة في الصبر الوطني والانتماء النقي، وملاذًا للضعفاء، وصوتًا للحكمة.
وفي هذه المناسبة، نتوجه بخالص التهاني والتقدير إلى مسيحيي العالم أجمع، وبوجه خاص إلى أقباط مصر الذين ظلوا رمزًا للفداء والانتماء والتسامح، ونخص بالذكر قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الذي يقود الكنيسة برؤية متوازنة تجمع بين الثوابت العقائدية والانفتاح على العالم.
كما نرفع التحية إلى قداسة البابا فرنسيس الأول، بابا الفاتيكان، الذي عبّر في مواقفه عن دعم واضح لقيم التعايش بين الأديان، وأسهم في بناء جسور من التفاهم بين شعوب العالم.
وقد لفت الانتباه هذا العام صدور بيان رسمي من البيت الأبيض الأمريكي، أشار فيه الرئيس إلى الكنيسة القبطية كواحدة من أعرق المؤسسات الدينية في العالم، مبرزًا أثرها العميق في نشر المسيحية في إفريقيا، وتاريخها العريق الذي يمتد لما يقارب الألفي عام. ويعكس هذا الاعتراف الدولي تقديرًا حقيقيًا لمكانة الكنيسة القبطية كرمز ديني وثقافي على الساحة العالمية.
ولا يمكن الحديث عن الكنيسة القبطية دون التوقف أمام دورها الوطني العميق، إذ شاركت بفاعلية في ثورات الشعب المصري، وكانت دومًا سدًا منيعًا في وجه دعاوى الفتنة والانقسام. ولعل أجمل ما يميز هذا الكيان هو علاقته المتجذرة بأرض مصر، التي احتضنته وقدّمته للعالم بكل فخر.
اليوم العالمي للكنيسة القبطية هو دعوة صريحة لتجديد العهد مع قيمنا الإنسانية، والاعتزاز بجذورنا الروحية، واحترام التعدد الذي جعل من مصر نموذجًا فريدًا في التعايش الحضاري. فالمحبة التي تفيض بها الكنيسة ليست عقيدة فقط، بل سلوك ممتد في الشارع المصري، حيث يتشابك صوت الأجراس مع نداء المآذن في مشهد لا تراه إلا في أرض الكنانة.
تحية لكل قلب نابض بالإيمان، لكل بيت قبطي حمل مشعل الأمل رغم الصعاب، ولكل من صان ميراث الكنيسة وصوتها. وتحية أعمق لمصر، مهد الرسالات، ومبتدأ الحكمة، وملجأ الإيمان.
“مصر تهدي العالم نورًا لا ينطفئ”
في اليوم العالمي للكنيسة القبطية: العالم يحيي إرث مار مرقس ومصر تحتفي بجذورها الروحية