المقالات

مقالة بعنوان / ابنك كما زرعت

جريدة موطني

ابنك كما زرعت

بقلم ناصر السلامونى

في كثير من الأحيان تلتقي صديقا أو قريباً لك تراه يحكي عن أبنائه وقلبه يعتصر ألما وحزنا على ما صار إليه حالهم من تواكل وخسران في التفكير والجسد؛ وتراك تقف حائرا لا تستطيع أن ترد عليه إلا بالدعاء لهم بصلاح الحال؛ ويشرد عقلك وقلبك مجتمعين في البحث والتنقيب في كل من حولك فترى أن معظمهم حالهم كحال الشاكي؛ بل قد تكون أنت مثله؛ فينكسر قلبك وتنزوي فى ركن الحياة أسفا على ما صرت إليه .
نعم سيدي كلنا هذا الرجل ففي بيتنا عاطل متواكل متشائم حاقد وجاهل بكل مفردات الحياة وأنا لا ألومه بل ألوم نفسي وكل من حولي لأننا جميعا مشتركون في صناعته والسبب التافه المخزي هو أننا ما دمنا قادرين على العطاء والبذل لماذا نجعل أبناءنا يتعبون ويكدون؟! لماذا لا يعيشون مرفهين منعمين؟! لماذا لا نحقق لهم السعادة ما دمنا موجودين ؟؟
وأعترف بكل مرارة وأقول هذا أسلوب خاطئ بل يجب ان نعاقب عليه؛ فمنذ الطفولة لا يشعر ابننا بأي مسؤولية حتى تخرجه لذا لا يستطيع مواجهة الحياة وإن واجهها يكون ساخطا عليها ناقما على جميع من حوله! فإن عمل في أى مصدر للرزق يجد المرتبات لا تكفي مواصلاته ولا طعامه ولا شرابه ولا كساءه والذى كنا نوفر له من كدنا وشقائنا كل ذلك.
هل سألت نفسك لماذا يعصاك ابنك عندما يكبر ويتمرد عليك بل ويرفع الصوت وقد يحرجك أمام الناس عندما تطلب منه شيئا؟!! أنت السبب فمنذ الصغر تستجيب لكل طلباته حتى وإن كانت أكبر من طاقتك حرصا على ارضائه وحتى لا يكون أقل من غيره .
هل فكرت في مشاركته لأية أعمال في صغره كتنظيف المنزل أو حتى غرفة نومه أو شراء شيء من السوق أو المنافذ التي حول بيتك ؟
هل فكرت في أن تجلس معه وتخبره بحالك وحال من حولك كيف يتعبون من أجل الحصول على المال؟ هل عددت له أنواع العمل وفائدته للفرد والمجتمع وحببته إليه؟ هل أشدت بمن في مثل سنه من العاملين؟ هل طلبت منه أن يجرب حظه في العمل ولو شهرا في فتره الأجازة ؟هل أخبرته أن العمل حق وإن كان الأجر قليلاً ! فالمهم الممارسة والخبرة وعدم الخمول في المنزل انتظاراً لفرصة قد لاتأتى.
هل أخبرته إن سع إلى العمل يتحرك الجسم وينشط و تزداد دائرة علاقاته وقد يتعرف على شركات ومصانع ويجد فرصته التي يسعى إليها؟ هل أخبرته أن الأنبياء والصالحين كانوا يعملون وخيرنا من يأكل من عمل يده؟ هل أخبرته أن من يسعى ليكفي أسرته أونفسه أو من يعول فهو في سبيل الله؟ هل أخبرته أن العمل هو الذي يظهر فيه قدراته وكفاءته ومهاراته وهو مصدره الأساسي الذي يحصل بواسطته على ما يريد من مال ومكانة ويستطيع من خلاله أن ينمي نفسه وعائلته ووطنه.
نعم إنك نسيت كل ذلك في دوامة وساقية وضعت أنت نفسك فيها و كنت ثورها برضاك.
نسيت أن تزرع كل شيء جميل في أبنائك؛ فالعمل الذي حماك من الوقوع في الأخطاء والفقر والجوع وأمن لك حياة كريمة مستقرة لم تخبر أولادك بكل ذلك حرصا عليهم وحفاظا عليهم من متاعب الحياة فصاروا متواكلين كفراخ الطير تنتظر أمهاتها فاتحة أفواهها لتناول الطعام فقط.
نعم تجاهلت أن تخبر أبناءك بأن العمل هو الذي يساعد على تطوير شخصيتهم ويهذبها وتحقيق ذاتها بل ويساعدهم على تحديد رؤية واضحه لمستقبلهم ؛ والعمل على تحقيق الأهداف ويساعد على توفير دخل ثابت يغنى الإنسان عن طلب العون والمساعدة من الآخرين
نعم فعقوبة فعلتك ونسيانك وتجاهلك تجد ابنك يطلب منك سكنا وأثاثا وجميع مكونات المنزل الأخرى بل وزوجة ثم تجد نفسك مسؤولا عن أسرته والإنفاق عليها بل ورعايتها وإن قصرت سيلومك بل وقد يشكوك وقد تصل إلى دار المسنين أو لا قدر الله القتل؟! إنك أنت الصانع والزارع وهذا ما جنيت!!!

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار