
من الظل إلى اللهيب.. الشرق الأوسط على صفيح ساخن
✍️ بقلم: محمود سعيد برغش
ما بين الحذر والتحدي، وبين الرسائل المشفّرة والضربات المباشرة، انتقل الصراع الإيراني الإسرائيلي من مرحلة “حرب غير معلنة” إلى مواجهة عسكرية مفتوحة تنذر بانفجار إقليمي قد يعصف بالمنطقة بأكملها. لم تعد الأهداف مختبئة، ولم تعد الرسائل تحتمل التأويل. فالصواريخ الآن تتحدث، والنيران أصبحت لغة السياسة.
ضربة البداية: إسرائيل تختار التوقيت
في عملية مباغتة ومدروسة، وجّهت إسرائيل ضربات جوية استهدفت منشآت نووية وعسكرية داخل العمق الإيراني، بما في ذلك منشأتي نطنز وفوردو، ومقرات للحرس الثوري. الضربة لم تكن استعراضية، بل طالت شخصيات وقيادات بارزة، وأرسلت رسالة واضحة: لا خطوط حمراء.
الرد الإيراني: الوعد الحق يضرب بقوة
ولم تمضِ ساعات حتى جاءت عاصفة الرد من طهران. عملية عسكرية تحت اسم “الوعد الحق 3” شهدت إطلاق أكثر من 150 صاروخًا باليستيًا و100 طائرة مسيّرة نحو عمق إسرائيل، مخترقة طبقات الدفاع رغم تكنولوجيا “القبة الحديدية” و”حيتس 3″. الهجوم خلّف خسائر واضحة في الأفراد والبنى التحتية، وكان بمثابة إعلان صريح: الرد سيكون دائمًا بحجم التحدي.
ميزان القوة: تفوق تكنولوجي أم عمق جغرافي؟
إيران تمتلك جيشًا ضخمًا، ترسانة صاروخية، ونفوذًا إقليميًا واسعًا عبر حلفائها من لبنان إلى اليمن. لكن إسرائيل تعتمد على تفوق تقني، ودعم أمريكي وغربي مباشر، وقوة نووية تلوّح بها دون أن تعترف بها.
الصراع بين الطرفين لا يتوقف عند حدود السلاح، بل يشمل شبكات النفوذ، الحرب النفسية، وتوازنات الردع.
الولايات المتحدة: راعٍ لا يريد التورّط
منذ اللحظة الأولى، أعلنت واشنطن أن أمن إسرائيل “خط أحمر”، فدفعت بحاملة الطائرات “دوايت أيزنهاور” شرق المتوسط، ورفعت جاهزية قواعدها في المنطقة. لكنها في الوقت ذاته تدرك أن الانخراط المباشر في حرب إقليمية سيكون له ثمن داخلي باهظ، خصوصًا في عام انتخابي.
باكستان: الصوت الصامت في الزاوية
وسط التصعيد، برز اسم باكستان في خلفية الأحداث، مع تقارير عن لقاءات أمنية مع طهران. لكن إسلام آباد تلتزم الحذر، فهي تعلم أن أي انحياز سيضعها على صفيح ساخن بين إيران، والسعودية، والولايات المتحدة. ولذلك، تبدو دعوتها للتهدئة محاولة للبقاء خارج حلبة النار.
الاقتصاد يختنق قبل الحرب
قفزت أسعار النفط فوق حاجز 100 دولار، وارتفعت كلفة تأمين السفن، فيما شهدت بورصات تل أبيب ودبي والكويت تراجعات حادة. المخاوف من إغلاق مضيق هرمز أو انتقال المعركة إلى عمق الخليج باتت حقيقية، والتوتر الجيوسياسي يهدد بركود عالمي.
النوايا الحقيقية: استعراض قوة أم بداية زلزال؟
إسرائيل تحاول منع إيران من استكمال مشروعها النووي، وتستخدم الحرب لتجاوز أزماتها الداخلية.
إيران تسعى لفرض نفسها لاعبًا لا يمكن تجاهله، ولتوجيه رسالة بأن أمن إسرائيل لن يكون بمعزل عن محيطها.
الولايات المتحدة تدفع نحو التهدئة ولكن من دون التخلي عن إسرائيل.
باكستان تراقب وتوازن خوفًا من الانزلاق الطائفي والجيوسياسي.
خاتمة: من يطفئ النار؟
ورغم كثافة النيران، يدرك الطرفان أن حربًا شاملة ستكون مدمرة للجميع. ولكن الخوف الأكبر يكمن في “الخطأ غير المحسوب”، أو في قرار مرتجل يشعل مواجهة لا عودة منها. الشرق الأوسط يعيش لحظة حرجة.. والعالم يترقّب.
فهل نحن أمام مشهد النهاية؟
أم مجرد فصل جديد في رواية لا تنتهي؟
—من الظل إلى اللهيب.. الشرق الأوسط على صفيح ساخن