
من يحاسب الجيزة في ظلام دامس والأهالي يدفعون الثمن
كتب/ صابر محجوب
في مشهد يتكرر دون حلول جذرية، غرقت عدد من مناطق محافظة الجيزة في ظلام دامس إثر انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، دون وجود أي خطة طوارئ واضحة أو تحرّك فعّال من الجهات المعنية، مما يطرح تساؤلات مشروعة حول غياب الكفاءة وسوء إدارة الأزمات في واحدة من أكبر محافظات الجمهورية.
الوقائع تشير إلى فشل ذريع من قبل محافظة الجيزة وشركة توزيع الكهرباء في احتواء الأزمة أو حتى التخفيف من آثارها، وسط تجاهل واضح لمبدأ الاستعداد القبلي للطوارئ. فشبكات الكهرباء متهالكة، والمحولات قديمة وكابلات الأرضية بحاجة إلى الإحلال، فضلاً عن الغياب التام لأي مولدات احتياطية في المناطق المتضررة، وهو ما يكشف عن قصور إداري وفني لا يمكن تبريره.
الأزمة لم تكن مجرد انقطاع للكهرباء، بل تسببت في خسائر فادحة للمواطنين:
تلف الأجهزة الكهربائية.
تعطل الأعمال التجارية والمهنية.
انقطاع المياه في بعض المناطق المرتبطة بتشغيل المحطات بمصدر الكهرباء الرئيسي.
تهديد حياة مرضى الأجهزة الحيوية في المنازل.
وهنا تُطرح الأسئلة الحاسمة:
من يُحاسب؟ ومن يُعوض المواطنين عن تلك الخسائر؟
ألا تترتب مسؤولية قانونية على الجهات التنفيذية المعنية؟
أليس من واجب الدولة – وفقًا للدستور والقانون – ضمان استمرار الخدمات العامة الحيوية وعدم تعريض حياة المواطنين ومصالحهم للضرر؟
يقرّ القانون المصري بمسؤولية الجهات الإدارية عن الإهمال أو التقصير في تقديم الخدمة العامة، وقد نصت المادة (17) من قانون المسؤولية المدنية على أنه “يلتزم من أحدث ضرراً بالغير بتعويضه، ولو كان غير مسؤول جنائياً”. كما أن هناك سوابق قضائية صدرت ضد شركات مرافق عامة بسبب انقطاع الخدمات دون مبرر أو خطة بديلة.
إن ما حدث في الجيزة لا يمكن اعتباره عارضًا تقنيًا، بل حلقة جديدة من مسلسل الإهمال المؤسسي، الذي يجب أن يخضع للمحاسبة لا للتبرير أو التبرئة.
السكوت على هذا الواقع يُعدّ تواطؤًا بالصمت، وترك الأهالي فريسة للظلام والعشوائية لا يليق بدولة تخوض معارك تنموية شاملة.
فلنعد للسؤال الأول: من يحاسب؟
وأين دور البرلمان، والنيابة الإدارية، والجهاز المركزي للمحاسبات؟
وهل سنرى تحقيقًا شفافًا يُسفر عن محاسبة المسؤولين، أم تظل الحكاية مجرد “عطل فني” بلا عقاب؟!
من يحاسب الجيزة في ظلام دامس والأهالي يدفعون الثمن