![](https://mawtany.com/wp-content/uploads/2025/02/inbound6188783596152197655-720x470.jpg)
نسائم الخيرات وبشائر البركات
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، أحمده وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين أما بعد فها هو شهر شعبان نعيش فيه وقد إقترب من الإنتصاف وهو حاملا إلينا نسائم الخيرات وبشائر البركات، مذكرا بقرب قدوم شهر النفحات والرحمات وكأنه ينبهنا إلى قرب شهر رمضان وينادي علينا بحسن الإستعداد له ويقول ” من أراد سعادة الدارين والفوز في الحياتين، ورضا رب الكونين، فعليه باتباع هدي سيد الثقلين، فماذا كان هدي رسول الله صلي الله عليه وسلم في شعبان؟ فتقول السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم،
وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إستكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان ” متفق عليه، وزاد الإمام مسلم في روايته ” كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلا” وتنقل السيدة أم سلمة رضي الله عنها أيضا لنا هذا المعنى فتقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان إلا قليلا، بل كان يصومه كله ” رواه الترمذي والنسائي، وخلاصة القول أنه عليه الصلاة والسلام لم يكن يصوم شعبان كله، لكن يكثر فيه من الصيام جدا حتى لا يكاد يفطر منه إلا اليوم أو اليومين، فيظن البعض من كثرة صيامه فيه أنه يصومه كاملا، وقد سأله أسامة بن زيد رضي الله عن سبب كثرة صيامه فأجابه بقوله ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم ” الترمذي والنسائي.
فبين أن سبب ذلك أمران، هما فالأول غفلة الناس فيه لأنه يقع بين شهر رجب الحرام ورمضان المبارك، فيهتم الناس فيهما ويغفلون عن شعبان، فأحب أن يكون هو في عبادة لله وقت غفلة الناس لما في ذلك من الثواب العظيم، والمنافع الكثيرة، والثاني أنه شهر يرفع فيه الأعمال، فأحب أن يكون وقت رفع عمله وعرضه على ربه في أحسن حال وأطيبه ليكون أدعى للقبول وأرجى للعفو والتجاوز إن كان هناك خلل أو نقص، وقد ذكر أهل العلم لذلك أيضا تعليلين مشهورين أولهما أنه ربما كان يقضي ما فاته من صيام تعود عليه في خلال العام، ففاته بسبب غزو أو جهاد أو سفر أو مرض، حتى لا ينقص عمله شيئا اعتاده، فهو الذي دلنا على أن أحب الأعمال إلى الله ما داوم عليه صاحبه، والآخر أنه كان كالإستعداد لرمضان، كما ذكر ذلك ابن رجب وجماهير من العلماء والأئمة.
فقال ابن رجب ” وقيل في صوم شعبان أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرن على الصيام وإعتاده ووجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذته، فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط” فإنه ينبغي علينا أيها الأخوة الكرام ونحن في شعبان التهيئة قبل رمضان، فإن شهر شعبان هو شهر التدريب والتأهيل التربوي والرباني، يقبل عليه المسلم ليكون مؤهلا للطاعة في رمضان، فيقرأ في شهر شعبان كل ما يخص شهر رمضان ووسائل إغتنامه، ويجهز برنامجه في رمضان، ويجدول مهامه الخيرية، فيجعل من شهر شعبان دورة تأهيلية لرمضان، فيحرص فيها على الإكثار من قراءة القرآن والصوم وسائر العبادات، ويجعل هذا الشهر الذي يغفل عنه كثير من الناس بمثابة دفعة قوية، وحركة تأهيلية، لمزيد من الطاعة والخير في رمضان.