
هنا نابل ، العاصفة الرملية التي جدّت اليوم الخميس 10 جويلية 2025
بقلم المعز غني
هنا نابل ، العاصفة الرملية التي جدّت اليوم الخميس 10 جويلية 2025
بالجنوب التونسي، وتحديدًا في ربوع توزر وقفصة
**
كأنّ الجنوب قد إستعار اليوم ملامح الغضب من السماء…
ففي لحظة خاطفة ، إنقلب صفاء الأفق إلى ستار كثيف ، وتحوّل النسيم الصحراوي إلى ريح هادرة تحمل معها جدارًا من الرمل والغبار ، زاحفًا كالموج ، عابسًا كالغضب الإلهي ، ليُعلن قدوم عاصفة رملية عنيفة ، طوّت المدن تحت عباءتها الكثيفة
ما الذي حدث؟ ولماذا؟
ما شهده الجنوب الغربي من بلادنا ، هو ما يُعرف في علم الأرصاد الجوية بظاهرة ” جدار الرمل ” أو العاصفة الرملية (Mur de sable / Sandstorm) – مشهد مذهل ومرعب في آن، لا يُرى فيه سوى كتلة ضخمة من الغبار والرمال ، تبتلع كل ما يعترض طريقها ، وتُغرق الأفق بلونٍ ترابيّ داكن
كيف تنشأ هذه الظاهرة؟
1. الرياح القوية المفاجئة:
تنطلق من منخفضات جوية حرارية أو عواصف رعدية جافة ، تُثير الأرض وتبعث ما خفي من رمالها إلى العنان.
2. التربة العارية:
حين تكون الأرض بلا غطاء نباتي ، تصبح فريسة سهلة لرياح الصحراء ، فتنتزع الرمال من جذورها ، وتدفع بها عاليًا
3. حمل الجزيئات في الهواء:
الجزيئات تُرفع ثم تُقذف أفقيًا بسرعات هائلة ، فتتشكل منها سحب رملية كأنها تنين يلتهم ما أمامه
4. تكوّن الجدار الرملي:
يظهر الجدار الرملي كحائط متحرك ، بلون أصفر أو بني كأن الطبيعة ترسم لوحة رعب مُتحرّكة ، تُخفي كل شيء وراءها وتقلّل الرؤية إلى الصفر
أين تحدث؟
في الصحارى الكبرى ، كالصحارى الليبية والجزائرية ، الجزيرة العربية ، شمال إفريقيا ، وأحيانًا تُزاحم المدن الساحلية والمرتفعات إن كانت الرياح قوية كفاية
ما هي آثارها؟
حجب الرؤية بشكل شبه كلي ، وخطر داهم على سائقي السيارات-
والطيارين
مشكلات تنفسية حادة ، لا سيّما لمرضى الربو والحساسية –
شلل نسبي في الحركة الجوية والبرّية –
حمل الغبار لمسبّبات الأمراض، ما يزيد من التهديدات الصحية
تآكل الأبنية والمنشآت بفعل الاحتكاك المستمر مع ذرات الرمال –
وما الفرق بين “العاصفة الرملية” و”العاصفة الغبارية”؟
العاصفة الرملية:
تتكوّن من حبيبات رمل كبيرة نسبيًا، تبقى قريبة من سطح الأرض (أقل من مترين)، وتضرب بقوة الأجسام والبشر.
العاصفة الغبارية:
فتات دقيق من الغبار، خفيف كالهواجس، يرتفع عاليًا ويغزو السماء، قد يصل لمئات أو آلاف الأمتار.
**
وفي الختام
ليست هذه أولى رسائل الطبيعة، ولن تكون الأخيرة.
لكنها تذكير قوي بأنّ الصحراء ليست سكونًا فقط ، بل قادرة على الهيجان…
وأنّ الإنسان ، مهما بلغ من علم يبقى دائمًا في حضرة الطبيعة، تلميذًا أمام أستاذ لا يرحم .