
هنا نابل سؤال خطير أنا من أكون ….؟
بقلم المعز غني
يراني الناس كما يشاؤون ، لا كما أنا مهندم الملابس، مرتّب الشعر ، مشرق الإبتسامة ، خطواتي واثقة ، كلماتي موزونة ، وضحكتي حاضرة دومًا.
إن سألت عني من بعيد قيل: “ما أبهى هيئته ، وما أطيب حديثه…!” .
لكن قل لي ، هل المظهر يعكس الجوهر؟ هل يمكن للوجه أن ينقل صراع الروح؟ وهل في الملابس المتناسقة ما يكشف جراح القلب؟
أنا من أكون …؟
سؤال يطرق رأسي مع كل لحظة سكون ، حين تنزاح الأقنعة ويخلو المكان من العيون ، أجدني وجهًا لوجه مع ذاتي أُسقط زينة الكلام ، وأخلع ثوب البشاشة ، وأقف أمام مرآتي الداخلية تلك التي لا تكذب.
لو رُفع الغطاء ، لو كُشف المستور لرأيتم ما لا يُسرّ ولا يُفتخر به. وجعي أكبر مما يتسع له صدري ، وخوفي ينهشني كل ليلة ، وخطاياي – وإن خفيت – تلسعني في وحدتي.
فأنا لست ذلك المثاليّ كما تظنون ، بل إن بداخلي ما أخجل من مواجهته، وما أهرب منه حين يشتد السؤال : من أنا حقًا؟
أنا الحائر بين ما أريده وما يجب أن أكونه ، أنا الساعي إلى رضا الناس حتى إن ضيّعت نفسي في طريقهم.
أبدو قويًا وذو شخصية صلبة لكنني هشّ ، كلمة تهوي بي وكلمة ترفعني.
أبدو متزنًا لكنني في داخلي فيضان من التناقضات ، صراعات لا تهدأ وخيالات لا تنطفئ.
قد تروني ضاحكًا بشوشا الإبتسامة تعلو سريرتي وفي داخلي بكاء مؤجل ، قد تروني ساكنًا وقلبي مضطرب كريح الشتاء، قد تتمنون أن تكونوا مثلي ، ولو دخلتم قلبي لصرختم: ” الحمد لله أننا لسنا هو.”
لكن ، أخجل من هذا؟ لا ليس لأنني راضٍ ، بل لأني بشر وهذه حقيقتنا نحن البشر : نحمل في دواخلنا ما لا نجرؤ على إظهاره ، نُجمّل صورنا للناس ونخبّئ عنهم ما يعكرها.
لسنا ملائكة ولا شياطين ، بل أرواح تبحث عن النقاء في عالم يمطرنا بالزيف.
هنا نابل سؤال خطير أنا من أكون ….؟
أنا من أكون … ؟
أنا ذلك الذي يحاول يسقط – يقوم – يتلوّى بين الندم والرجاء ، بين الخوف والطمأنينة
أسير على طريق طويل ، تتخبط فيه قدماي لكنني لا أتوقف .
أنا لست كما ترونني …
أنا أكثر …
أنا أعمق ….
أنا بشر …..
وهذا يكفيني لأنني فخور ومعتز بنفسي ../.