ادب وثقافة

هواك نسى الزمان طبعه

جريدة موطني

(هواك نسى الزمان طبعه)

بقلم الدكتورة/ تهانى محمد

جريدة موطني

في أجمل كوبليه من أغنية أقولك ايه عن الشوق قالت الست (هواك نسى الزمان طبعه/وخد منه الأمان لينا/ودارى عننا دمعه / وخلى مادري بينا) هذا الفيض من كلمات عبد الفتاح مصطفى وألحان الشاهق رياض السنباطي.

واصفة أحلى علاقة حب بأبلغ صورة شعرية .

ولأن طبع الزمان الغدر جمال مابينهما أفقد الزمان ذاكرته فبذل لهما الأمان! (وخد منو الأمان لينا).

في فلسفة سارتر عن الحب أن السادو مازوخية ليس انحرافا بل إطار أصيل للعلاقات بين إنسان وآخر.

إثنان أحدهما مازوخي يتصرف بطريقة أتخلى عن حريتي بمحض إرادتي وأمنحها للآخر بشكل تام .

وسادي يمتلك حرية الآخر ويتعامل معه كشيء أو وعاء لمتعته.

فلسفة سارتر عن الحب هذه لاتنطبق إلا على العلاقات المريضة .

ولاأعرف كم نسبة المرضى على هذا الكوكب لكني أعتقد أنها نسبة خطرة.

بحسب منظور إفلاطون للحب فهو أيروس Eros بالأغريقية

وهو أن تحب ماتفتقده ،مالاتملكه ، حب الاستحواذ والإمتلاك مشوبا بالرغبة والإشتهاء.

ننطقها (أحبك) وهي في الحقيقة تعني(أريد امتلاكك)

حب الآيروس هذا محكوم عليه بالتعاسة ،تحب ماتفتقده وحين يكون في قبضتك تشعر بالملل ، وما مشاكل الزواج والطلاق إلا تجسيدا حيا لهذا النوع من الحب.

إحداهن اصيبت بالتهاب المعدة الحاد وأدخلت المستشفى تتقيأ دما لأن والدها رفض زواجها من الشاب الوسيم الذي هامت به، فوافق الأب مضطرا ،وعند انتقالها لمنزل عريس الغفلة، كانت عيناها تلمعان شوقا لرؤية القدور والصحون الجديدة في الأسواق بدل طلة الحبيب، تقضي خمسة وسبعين ساعة في اليوم في المطبخ وحين يتسحب ليحتضنها الزوج المسكين هامسا لها بكلمات الغزل تنفجر سخريتها وتصفه ب (بطل أفلام عربية عبيط).

قبل أيام قلائل تمكنت فرقة الإنقاذ في بغداد من إقناع فتى لم يبلغ العشرين من العودة في قرار الانتحارهواك نسى الزمان طبعه

حيث كان يعتلي قمة برج لكاميرات المراقبة عازما على رمي نفسه من هناك لأن الفتاة التي أحبها لاتبادله الشعور !

أظن لو قدر لهذا المخبول أن يتزوج فتاته لرماها هو من فوق برج المراقبة بعد أن تملأ له زوايا المنزل بالقيئ وهي تترنح أمامه منكوشة الشعر شاحبة في شهور وحامها الأولى!

إنه حب الآيروس Eros

الهالة البراقة حول شخصية الحبيب والفقاعة التي تنفجر على أول خازوق للواقع الذي يرفع شعار (الحياة صعبة).

لو أخرجوا لنا الجزء الثاني من فيلم السندريلا لشهدنا طلاقها من الأمير ثلاثا طلاقا بائنا بعد أن يكتشف هوسها بالتنظيف ودعك البلاط طيلة اليوم كما كانت تفعل في بيت زوجة أبيها الشريرة .

يوم احتضن فردة حذائها الصغيرة على صدره ودار يبحث عنها في البيوتات لم يكن يتوقع أنه سيقضي سنوات زواجه (مسحولا) خلفها في الأسواق يبحث عن حذاء بقياس (٢٨ )لايكفي حتى لقدم ضفدعة تشكو نحافة مزمنة ، أو أن يلتحف سقوف ممرات المستشفيات لأن صغر حجم القدم يتناسب طرديا مع ضيق الحوض وقناة الولادة ولابد للسندريلا أن تلد اطفالها بالعمليات القيصرية المتكررة !

أعرف واحدة لعنت النظرة الأولى والحب الأول واليوم الذي ولدت فيه بعد أن راح حبيبها الوسيم ينفخ شخيره المرعب في أذنها كل ليلة على فراش الزوجية المخيب للآمال!

ايروس ، أحلام يقظة، ملل .

بحسب منظور أرسطو للحب فأن الحب عنده هو فيليا Philia

حب مالانفتقده ،حب مابين أيدينا ، نفرح به ويفرح بنا ،

في العربية فيليا تعني الصداقة لكن لو امتزج فيليا بايروس philia_Eros

الرغبة واشتهاء مابين أيدينا ، سنشهد علاقة صحية خالية من الإضطراب .

امنحك الحب وتمنحني الحب،(أخذ وعطاء) لاسادية ولامازوخية،لاينتابني الملل ولو قضيت معك ملايين السنوات الضوئية في رحلة سفر كونية .

و(هواك نسى الزمان طبعه) الله عليكى ياست .

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار