
هويتنا والصراع الفكري
في العصر الحديث (4)
بقلم : محمد فتحى شعبان
الحمد لله وحده والصلاة والسلام علي من لا نبي بعده ، أشهد لله بالوحدانية و لعبده محمدا بالرسالة وأنه خاتم النبيين والمرسلين ، بعثه الله بالحق وأنه بلغه وأنه تركنا علي الصراط المستقيم وتركنا أمة واحدة لا فرق بين أعجمي وعربي ولا ابيض ولا اسود إلا بالتقوى
أما بعد :
فما زال الحديث مستمر عن الهوية فإن كل جماعة أو أمة تعوزها الهوية المتميزة ليمكنها المعيشة و المحافظة علي وجودها ، فالهوية هي التي تحفظ سياج الشخصية وبدونها يتحول الإنسان إلي كائن تافه فارغ تابع مقلد ، وهي بالنسبة للمجتمع تعتبر الحصن الحصين الذي يتحصن به أبناؤه والنسيج الضام والمادة اللاصقة لبنائه ، فإذا فقدت تشتت المجتمع و تنازعته المتناقضات .
ولقد أدركت الأمم أن قضية الهوية قضية محورية ، فإن من لم ينتبه إليها سيذوب حتما في ثقافة غيره و ستتلاشى مميزاته الخاصة ليكون ذيلا أو ذنبا ، ولذا فإن الأمم التي تريد البقاء هي التي تحافظ علي هويتها .
وما زالت الأمم تتكالب و تتكاتف علي الأمة المسلمة لمحو الهوية الإسلامية للأمة وتركها للضياع ، ومن تلك المحاولات كانت محاولة إحلال القومية محل الهوية الإسلامية .
* القومية والهوية الإسلامية
تعريف القومية : القومية بمفهومها العام هي جمع الناس وفق روابط الدم والعرق والتاريخ واللغة ضمن كيان سياسي وهوية واحدة بعيدة عن خصائص العقيدة و غاياتها
وفي تعريف آخر هي ارتباط الناس بأرضهم و ولائهم وانتمائهم إليها و إلي عادات وتقاليد الآباء والأجداد .
وبهذا فإن القومية تخالف الهوية الإسلامية إذ أن الهوية الإسلامية الرابط بين أفرادها هو الإسلام فهو عقيدة وهوية وهي هوية شاملة لشعوب كثيرة من غرب الأرض إلي شرقها .
القومية تعمل علي تفرقة الأمة فتجد أهل مصر ينادون بالقومية الفرعونية واهل العراق بالآشورية وأهل المغرب بالأمازيغية وأهل تركيا بالتورانية وأهل الجزيرة بالعربية وكل يمجد في قوميتة ويتناسون أن الإسلام قد جمع الجميع تحت راية واحدة ، تعمل القومية علي إثارة النزاعات والخلافات بين الأمة .
ومن أخطر ما يمكن رصده من التحديات التي تواجه الهوية الإسلامية
١/ الغزو الفكري عقائديا و اقتصاديا و ثقافيا بشتي أنواع الغزو الإعلامي والدعائى .
٢/ تقليد المستعمر المحتل بل القابلية للاستعمار .
٣/ ضعف عناية الناس وتمسكهم بفقه السلف الصالح بل وتمسكهم و إعجابهم بتقاليد أخري .
٤/ استبدال الهوية الإسلامية بالهوية التورانية أو العربية القومية .
٥/ إعجاب الشباب بالنماذج التي لا تخدم أمتنا بل تفسد عقيدة وأخلاق الأمة المسلمة .
٦/ العلمانية وأثرها التخريبي الواضح بفصل الدين عن الدولة
٧/ توجه بعض فئات المجتمع وخاصة من الشباب نحو الأفكار الغربية و الانبهار بها وجعل الغرب قدوة لهم .
٨/ الهجمة الكبيرة من بعض من يسمون بالمثقفين في مجتمعاتنا علي الهوية الإسلامية ووصفها بالتخلف والرجعية .
* يتبع بإذن الله .