مقالات

هيبة المدرسة خط أحمر.. لا تعليم بلا تربية ولا تربية بلا ردع

جريدة موطني

هيبة المدرسة خط أحمر.. لا تعليم بلا تربية ولا تربية بلا ردع

✍️بقلم: أشرف ماهر ضلع

هيبة المدرسة خط أحمر.. لا تعليم بلا تربية ولا تربية بلا ردع

في مشهد صادم، تكررت مؤخرًا حوادث التعدي على المعلمين وتكسير المقاعد وتخريب الفصول، بل ووصل الأمر إلى تحطيم أبواب المدارس والاعتداء اللفظي والجسدي على العاملين فيها. هذه المظاهر لم تعد مجرد حالات فردية بل أصبحت ظاهرة تهدد بنية التعليم والسلوك معًا.

غياب الطالب عن المدرسة طوال العام وعدم سيطرة الإدارة

الطالب الذي يقوم بهذه الأفعال يعلم تمامًا أنه لن يُحاسب، وأن هناك من سيدافع عنه بدعوى أنه “ما زال صغيرًا”. هذا الطالب قضى عامًا دراسيًا كاملًا خارج أسوار المدرسة، لا حضور، لا التزام، ولا من يردعه أو يحرص على تقويم سلوكه.

المشكلة لا تكمن فقط في غيابه، بل في عجز المدرسة عن التعامل معه. فالإدارة لا تملك صلاحيات حقيقية، والمعلمون مكبلون بقيود “الانضباط الوظيفي”، وأولياء الأمور – في كثير من الحالات – شركاء في التبرير والدفاع، لا في التربية والمتابعة.

الانحدار السلوكي.. لا قوانين رادعة ولا قرارات فاصلة

ما نشهده ليس أزمة تعليمية فحسب، بل كارثة تربوية وأخلاقية. الطالب الذي يكسر زجاج المدرسة، أو يحمل آلة حادة، أو يهدد زملاءه، أو يعتدي على معلمه، لا بد أن يُفصل فورًا، وأن يُعاد تأهيله تربويًا ونفسيًا، ولا مجال هنا للتهاون أو المجاملات.

أما الحديث عن “لوائح الانضباط” و”جلسات التوجيه” فهو أشبه بترف إداري لا يصمد أمام وقائع البلطجة الصريحة. فالمدير يخشى اتخاذ القرار، والإدارة التعليمية تبحث عن التهدئة وتجنب الأزمات، والنتيجة: إهانة المعلم، وفقدان المدرسة لهيبتها، وبروز الطالب الخارج عن السلوك كبطل في عيون زملائه.

المعلم بلا حماية.. والطالب المحترم يشعر بالغربة

في ظل هذا المناخ، أصبح المعلم مكسور الحماية، يشعر بالخوف من كل إجراء، والمُربي يُهان أمام تلاميذه. أما الطالب المهذب، فقد بات يشعر بأنه غريب، وكأن احترام القواعد عار، و”قلة الأدب” هي وسيلة نيل الإعجاب والهيمنة داخل الصف.

الحل: قانون رادع وإعادة الاعتبار للتربية

نحن لا نحتاج فقط إلى تطوير المناهج أو تحسين البنية التحتية، بل نحتاج إلى قرارات جذرية تُعيد الانضباط للسلوك الطلابي، وترد الهيبة للمدرسة والمعلم. يجب تفعيل قوانين واضحة للفصل الفوري لمن يثبت تورطه في أعمال عنف، على أن يترافق ذلك مع دعم نفسي وتأهيلي له، لأن السكوت على هذه التصرفات جريمة تربوية في حق الوطن كله.

كما يجب تدريب المعلمين على إدارة الأزمات السلوكية، وتمكينهم قانونيًا من التعامل معها دون خوف من العقاب الإداري أو تهديدات أولياء الأمور.

إن المساس بهيبة المدرسة هو مساس بهيبة الدولة، وإذا لم ننتصر للتربية قبل التعليم، فلن تُجدي أي جهود في بناء الإنسان أو تحقيق رؤية الجمهورية الجديدة.

لا تربية بلا ردع، ولا تعليم بلا احترام، ولا مستقبل لأمة تترك معلميها مكسورين وطلابها بلا قيم.

هيبة المدرسة خط أحمر.. لا تعليم بلا تربية ولا تربية بلا ردع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى