
والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله وفق من شاء للإحسان وهدى، وتأذن بالمزيد لمن راح في المواساة أو غدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نرجو بها نعيما مؤبدا، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله أندى العالمين يدا وأكرمهم محتدا، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أهل التراحم والاهتدا وبذل الكف والندى، ومن تبعهم بإحسان ما ليل سجى وصبح بدا، وسلم تسليما سرمدا أبدا، ثم أما بعد لقد حذرنا الإسلام من اذي الناس، وإن من أبين مظاهر الأذى هو أذية الناس بعضهم بعضا بالسيارات في الطرق، وخاصة في حال الزحام وعند الإشارات، فلا يرعى بعضهم حرمة بعض، ولا يحفظ له حقه، وكأنهم في معركة يريد الواحد منهم النيل من غيره، وكم من الأذى والإعتداء يقع بسبب ذلك، ويتجرأ الواحد منهم فيتخطى عشرات منتظمين في طريقهم، فيخالفهم.
ويعتدي على حقهم غير مبال بهم، ويحشر سيارته بينهم ليتجاوزهم، وينتج عن ذلك غضب وإنفعال وشتم وإزعاج، وهذا من أعظم الأذى، وفي أيام الإمتحانات يتجمهر الشباب في بعض الطرق وعند المدارس للاستعراض، ويمارسون أذية الناس وترويعهم بسياراتهم، ويوردون أنفسهم وغيرهم مخاطر الحوادث والهلاك، ولا أحد يردعهم عن هذه الأذى، ومن الشباب من يؤذي الناس في أعراضهم، فيغررون بالفتيات والأحداث ويصطادونهم في مثل هذه الأيام حيث غفلة الوالدين والثقة العمياء في الأولاد، فيغمسونهم في الفواحش والمنكرات وربما أغروهم بالمسكرات والمخدرات، وصور الأذى لا تكاد تنحصر في الناس من كثرتها، وهذا من سوء الأخلاق، ومما ينافي تعاليم الإسلام، الذي جعل الأخلاق من أجل العبادات وأفضلها وفي ذلك من التشديد.
قول النبي صلى الله عليه وسلم ” من أذي المسلمين في طرقهم وجبت عليه لعنتهم ” رواه الطبراني، ولا يشك عاقل في أن أذى الناس بالسيارات، وتعريض حياتهم لأخطارها، وترويعهم بها أشد أذى من التخلي في الطرق وقد إستحق صاحبه لعن الناس وشتمهم، فليحذر شباب الإسلام من الوقوع في ذلك، أو المشاركة فيه بالتجمهر ولو لم يفعلوا شيئا، فإن تكثيرهم لسواد المؤذين إعانة على الإثم والعدوان، وليحذر كل مؤمن أن يؤذي أخاه المؤمن فإن قدر المؤمن عند الله تعالى عظيم، وقد يؤذي وليا لله تعالى فيؤذنه الله سبحانه بالمحاربة، ولن يفلح من بارز الله تعالى بالمحاربة، فيا أيها الإخوة الكرام إن أذية المؤمنين والمؤمنات من كبائر الذنوب التي حذرنا منها علام الغيوب فقال تعالى ” والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ”
وفي هذه الآية تحريم أذى المسلم، إلا بوجه شرعي، كالمعاقبة على ذنب، ويدخل في الآية كل ما حرم للإيذاء، كالبيع على بيع غيره، والسوم على سومه، والخطبة على خطبته، وقد نص الإمام الشافعي على تحريم أكل الإنسان مما يلي غيره، إذا إشتمل على إيذاء، وعن الفضيل رحمه الله قال لا يحل لك أن تؤذي كلبا أو خنزيرا بغير حق، فكيف؟ أي فكيف إيذاء المؤمنين والمؤمنات؟ واعلموا أن كف الأذى صدقة مقبولة عند الله تعالى، ويقول يحيى بن معاذ “ليكن حظ المؤمن منك ثلاثة، إن لم تنفعه فلا تضره، وإن لم تفرحه فلا تغمّه، وإن لم تمدحه فلا تذمّه” بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات