اخبار

وترى الناس سكارى وماهم بسكارى 

وترى الناس سكارى وماهم بسكارى 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله المحيي المميت، المبديء المعيد، الفعال لما يريد، والصلاة والسلام على صحب الحوض المورود واللواء المعقود، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد يقول الله تعالي “يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيئ عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وماهم بسكارى ولكن عذاب الله شديد” فإنه يوم القيامة، يوم الصاخة والقارعة والطامة، ويوم الزلزلة والآزفة والحاقة، يوم يقوم الناس لرب العالمين، فهو يوم عظيم وخطب جسيم، يوم مقداره خمسون ألف سنة، فيجمع الله فيه الخلائق أجمعين، من لدن آدم عليه السلام إلى قيام الساعة ليفصل بينهم ويحاسبهم، وتدنو الشمس من الخلائق مقدار ميل ويفيض العرق منهم بحسب أعمالهم. 

 

فمنهم من يبلغ عرقه إلى كعبيه، ومنهم من يبلغ إلى ركبتيه، ومنهم من يبلغ إلى حقويه، ومنهم يبلغ إلى منكبيه، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما، وتبقى طائفة في ظل الله جل جلاله، يوم لا ظل إلا ظله، ويكرم الله أنبياءه في عرصات القيامة بالحوض المورود، ولكل نبي حوض، وحوض نبينا صلى الله عليه وسلم أعظمها وأفضلها، طوله شهر وعرضه شهر، يصب فيه ميزابان من نهر الكوثر في الجنة، ماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، وريحه أطيب من ريح المسك، آنيته كنجوم السماء عددا ووصفا ولمعانا، من يشرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبدا، يرده المؤمنون بالله ورسوله، المتبعون لشريعته، ويطرد عنه الذين إستنكفوا وإستكبروا عن أتباعه، فإذا إشتد الكرب بالناس في المحشر، ذهبوا إلى آدم وأولي العزم من الرسل نوح وإبراهيم وموسى وعيسى. 

 

ليشفعوا لهم إلى ربهم ليفصل بينهم، فكلهم يقول إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله، نفسي نفسي، إذهبوا إلى غيري حتى إذا يئس الخلائق من شفاعتهم أتوا إلى خاتم النبيين وأفضل المرسلين وسيد ولد آدم أجمعين محمد صلى الله عليه وسلم، فسألوه الشفاعة إلى ربهم، فيقول أنا لها، أنا لها، فيذهب فيستأذن على ربه، ثم يخر ساجدا تحت العرش ويفتح الله عليه من محامده والثناء عليه، ثم يشفعه في خلقه، وتنزل ملائكة السماء الدنيا فيحيطون بالناس، ثم ملائكة السماء الثانية من ورائهم حتى السابعة، ثم يجيء الله سبحانه كما يليق بجلاله وعظمته على عرشه ليفصل بين العباد، ويحمل عرشه يومئذ ثمانية من الملائكة، وينصب الميزان فتوزن به أعمال العباد، فيقول تعالي ” فمن ثقلت موازينة فأولئك هم المفلحون، ومن خفت موازينة فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون ” 

وترى الناس سكارى وماهم بسكارى 

وتنشر دواوين الخلق وهي صحائف الأعمال التي كتبها الملائكة الحافظون، فيعطى كل إنسان كتابه مفتوحا، فأما المؤمن فيأخذ كتابه بيمينه ويقول ” هاؤم اقرءوا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه ” ويعني أني تيقنت الحساب وعملت له، وأما الكافر فيأخذ كتابه بشماله من وراء ظهره إذلالا وتقريعا ويقول ” يا ليتني لم أوت كتابيه ولم أدري ما حسابيه، يا ليتها كانت القاضية، ما أغني عني ماليه، هلك عني سلطانية” ويحاسب الله الخلائق من الإنس والجن إلا من إستثناهم، ممن يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب، ويخلو الله بعبده المؤمن ويضع عليه ستره فلا يسمعه أحد، ولا يراه أحد، ويقرره بذنوبه عملت كذا، وعملت كذا، فيقر ويعترف، ثم يقول الله سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، وأما الكفار فينادى بهم على رؤوس الخلائق. 

 

هؤلاء الذين كذبوا على ربهم، ألا لعنة الله على الظالمين، ويختم الله على أفواههم، وتشهد عليهم ألسنتهم وأسماعهم وأبصارهم وأيديهم وأرجلهم وجلودهم بما كانوا يعملون، وفي آخر مشاهد القيامة ينصب الصراط على متن جهنم وهو جسر دحض مزلة، أدق من الشعر وأحدّ من السيف، عليه كلاليب تخطف الناس ويعطى المؤمنون نورهم فيعبرون، ويطفأ نور المنافقين فيسقطون ويكون مرور الناس على الصراط، على قدر أعمالهم ومسارعتهم إلى طاعة الله في الدنيا، فمنهم من يمر كلمح البصر، ومنهم من يمر كالبرق، ثم كالريح، ثم كالفرس الجواد، ثم كركاب الإبل، ومنهم من يعدو، ثم من يمشي، ثم من يزحف، ومنهم من تخطفه الكلاليب فتلقيه في النار.

وترى الناس سكارى وماهم بسكارى 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى