
ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله ومبلغ الناس شرعه فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد يا معاشر المؤمنين عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى فإن تقوى الله جل وعلا عز وفلاح في الدنيا والآخرة وهي خير زاد يبلغ إلى رضوان الله وهي وصية الله جل وعلا للأولين والآخرين من خلقه كما قال عز وجل ” ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله ” وهي وصية الرسول المصطفي صلى الله عليه وسلم لأمته وهي وصية السلف الصالح فيما بينهم فاتقوا الله عباد الله وراقبوه في السر والعلانية والغيب والشهادة.
وتذكروا رعاكم الله وقوفكم بين يدي الله عز وجل وسؤاله لكم يوم القيامة عما قدمتم في هذه الحياة، وروي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن خمس، عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين إكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به” فهي سؤالات خمس يسأل عنها كل عبد يوم القيامة، وهو سؤال عن العمر، وسؤال عن مرحلة الشباب على وجه الخصوص مع أنها داخلة في العمر، وسؤالان عن المال من أين إكتسبه العبد وفي أي سبيل أنفقه وصرفه، وسؤال خامس عن العلم، وهو عن العلم الذي تعلمه ومن ذلك ما يسمعه في خطب الجمعة وفي الدروس العامة وما يقرؤه في كتاب الله وما يسمعه من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وغير ذلك من وجوه تحصيل العلم يسأل عنه يوم القيامة ماذا عمل به لأن مقصود العلم العمل، وهذه سؤالات خمس توجه للخلائق يوم القيامة فلا تزول قدما عبد من عند الله حتى توجه إليه هذه السؤالات والواجب على العاقل الحصيف أن يعد للمسألة جوابا وأن يعد للجواب صوابا، وإننا نعلم أننا مسؤولون يوم القيامة ومختبرون وممتحنون ونعلم أيضا تحديدا سؤالات ذلك الإمتحان، التي تلقى على الناس يوم القيامة فكم هو جدير بالعبد الموفق أن يجعل هذه السؤالات الخمس بين عينيه ونصب عينيه ما دام في ميدان العمل ويتذكر سؤال الله عز وجل له عن عمره، وسؤال الله تبارك وتعالى له عن شبابه، وسؤال الله تبارك وتعالى له عن ماله، وسؤال الله تبارك وتعالى له عن علمه، وإننا مسؤولون حقا وصائرون إلى هذا الأمر حقا وواقفون بين يدي الرب العظيم جل وعلا وهو سائلنا.
ولقي بعض السلف رجلا كان مقصرا مفرطا في أمره فقال له كم من العمر تبلغ؟ قال ستون سنة، قال أوا ما علمت أنك في طريق وقد أوشكت أن تبلغ نهايته فقال الرجل إنا لله وإنا إليه راجعون فقال له أوا تعلم تفسير هذه الكلمة قال وما تفسيرها؟ قال قولك إنا لله أي أنا لله عبد، وقولك وإنا إليه راجعون أي وأنا لله راجع، فإذا علمت أنك لله عبد وأنك إليه راجع فاعلم أنك مسؤول فإذا علمت أنك مسؤول فأعد للمسألة جوابا، وتنبه الرجل وقال فما الحيلة إذن؟ قال الحيلة يسيرة أحسن فيما بقي يُغفر لك ما قد مضى، فاللهم اجعلنا من الفائزين، واجعلنا من السعداء في الدنيا والآخرة، اللهم اجعلنا يوم القيامة تحت ظل عرشك، يوم لا ظل إلا ظلك، وصلوا وسلموا على البشير النذير.