الزواج بين شرع الله وضغوط العادات
بقلم: محمود سعيد برغش
الزواج في الإسلام نعمة كبرى وعبادة مباركة، شرعها الله لبناء أسرة تسكن إليها النفوس وتستقيم بها المجتمعات. قال تعالى:
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: 21].
ولذلك جعله النبي ﷺ سُنة من سننه، فقال:
“يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج” [متفق عليه].
من رحمة الإسلام أنه لم يضيّق على الناس في أفراحهم، بل شجّع على إعلان الزواج وإظهار السرور. قال رسول الله ﷺ:
“أعلنوا النكاح، واجعلوه في المساجد، واضربوا عليه بالدفوف” [رواه الترمذي].
فالبهجة مطلوبة، لكن بشرط أن تكون بعيدة عن المبالغة والتبذير ومظاهر التفاخر.
للأسف، باتت العادات الاجتماعية اليوم تُثقل الزواج وتجعله صعب المنال. ومن أبرز صور المغالاة:
قوائم الأثاث المبالغ فيها.
الشبكة الذهبية التي تُعامل كوسيلة للتباهي.
حفلات تُنفق فيها الأموال بلا حساب.
وقد حذّر النبي ﷺ من ذلك بقوله:
“أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة” [رواه أحمد].
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
“ألا لا تُغالوا في صُدُق النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها رسول الله ﷺ” [رواه أبو داود].
1. تأخر سن الزواج وانتشار العنوسة.
2. تراكم الديون التي تعصف باستقرار الأسر.
3. تحوّل الزواج من عبادة وسنة إلى ساحة للتفاخر الاجتماعي.
أجمع الفقهاء على أن المغالاة في المهور والإسراف في الأعراس أمر مكروه ومخالف لمقاصد الشرع.
قال الإمام مالك: “لا خير في الصداق المغالى فيه”.
وقال الإمام أحمد: “أكره أن يُزاد في الصداق على خمسمائة درهم” (في عصره).
الأصل في الزواج هو التيسير، فقد قال ﷺ:
“خير النكاح أيسره”.
فلا البركة في الذهب ولا في كثرة الأثاث، وإنما في طاعة الله، والنية الصالحة، وحسن المعاشرة.
الزواج ميثاق شرعي يقوم على الرحمة، لكن العادات المرهقة والمظاهر الباذخة جعلته عائقًا أمام كثير من الشباب. فلنعد إلى هدي النبي ﷺ وصحابته، ولنجعل الزواج ميسّرًا مباركًا، حتى يبقى بابًا للسكينة لا جدارًا من المشقة.
الزواج بين شرع الله وضغوط العادات