الرئيسيةمقالاتالضرر النفسي الذي تخلفه الحرب
مقالات

الضرر النفسي الذي تخلفه الحرب

الضرر النفسي الذي تخلفه الحرب

الضرر النفسي الذي تخلفه الحرب

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله بما أسدى والشكر له ما تنسمت علي الخلائق جدواء، فأي آلاء الله أحق أن تُشكر؟ أجميل أظهره؟ أم قبيح ستره وما أبدى؟ ولم تزل آلاء ربك تتوالى، ما منّ ربك عطائه، وما أكدي وما أكدى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد إن من الأمور المهمه في الحروب هو تهيئة الناس لإغاثة النازحين جراء وحشية القصف عليهم، ومعالجة مرضاهم ومواساتهم، وأن إغاثة لهفتهم وتنفيس كربتهم قربة عظيمة، فمن نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، وإن صنائع المعروف سبب لدفع البلاء، وإحياء مشاعر الخير في نفوس الناس بإيراد النصوص الشرعية والقصص النبوية في ذلك وهي كثيرة جدا. 

وكما ينبغي علينا جميعا ضبط مشاعر السخط، فبيان الأثر الدامي لهذه الأحداث على القلوب، والذي لا يمكن أن تتلقاه مشاعر مسلم إلا أحدث لها الكمد والغيظ الممرض، ولكن مشاعر السخط ينبغي ألا تنفرد بقيادتنا، وألا تدفعنا إلى ردود فعل غير مسؤولة ولا مدروسة، ولذا فإن التعامل مع الحدث ينبغي ألا يكون بردود الفعل التلقائية، فإن بعض التجاوزات غير المحسوبة قد تكون هدية ثمينة توسع نطاق المعركة، وتعطي المبرر لمزيد من العدوان وتجعل بلاد المسلمين ساحات لمعارك هي غير مؤهلة لخوضها، ولذا فإن المشاعر الحارة والنوايا الطيبة الصادقة ينبغي أن تكون مزمومة بمراعاة مقاصد الشرع، وحساب المصالح والمفاسد، وتدبر مآلات الأمور وعواقبها، والله تعالي لا يعجل لعجلة أحد من خلقه، وكذلك الدعوة إلى الجهاد العام وذلك بتجييش الأمة. 

لإقامة وتحقيق أنواع الجهاد كلها، وعدم الإستهانة بأي نوع منها، بدءا من القتال إلى إصلاح النفس والأسرة، بمعنى تجييش الأمة إلى إقامة الجهاد بالنفس والمال واللسان والقلم، لتحقيق الإصلاح العام والخاص في شتى المجالات، وكما ينبغي علينا أن نكون كالجسد الواحد وذلك بإشعار المسلمين بمعاني الأخوة الإسلامية، التي لن يستطيعوا الإحساس بها كإحساسهم بها في هذه اللحظات الحذرة، الواقفة على شفير الزمن الراكض إلى ما لا يعلمه إلا الله، بدلا من التفكير الأناني حيث يشعر الذاتيون بأن الحرب ما دامت بعيدا عنهم، فإن الأمر لا يزال خيرا مما كانوا يظنون، متناسين وجع أخوتهم هناك، وضعف حيلتهم، وهم بين السيف والنطع، والمطرقة والسندان، وذكرت المصادر الكثير عن الحروب وما تصنعة من دمار وخراب في البلدان. 

وإن فهم الضرر النفسي الذي تخلفه الحرب يتطلب عدسة تاريخية، لأن نتائج الحرب التي تحملها الأفراد والمجتمعات، تمتد إلى ما هو أبعد من ساحة المعركة، لتشمل حياة الإنسان في مختلف جوانبه النفسية والدينية، فضلا عن بدهية التأثير السياسي، فقد شهد القرن العشرون وحده حربين عالميتين، أدتا إلى مقتل عشرات الملايين وإصابة أضعافهم، ونزوح أعداد لا حصر لها من الأفراد، ومجموعة لا حصر لها من مشاكل الصحة العقلية، ويزعم المؤرخون أن مثل هذه الصراعات لم تغير المشهد الجيوسياسي فحسب، بل كان لها أيضا تأثيرات عميقة على الهويات الثقافية والقيم المجتمعية، وغالبا ما تتعلق الأمراض النفسية التي يحملها الجنود العائدون من الحرب إلى ديارهم بحالات مثل إضطراب ما بعد الصدمة والإكتئاب والقلق، والتي يمكن أن تؤثر على هياكل الأسرة. 

وبالتالي المجتمع الأوسع، وتأثير ذلك على الثقافة يكون كبيرا، حيث لا ثقافة عميقة وتفكيرا دقيقا في ظل توتر وإكتئاب وقلق، سوف ينعكس ذلك فورا على الأقلام والعقول، ولا ينحصر ذلك على مجال الكتابة بل يدخل في الفنون بمختلف أشكالها، فالفنون في ظل الحرب كالسينما والموسيقى والغناء والدراما والمسرح والرسم، تختلف بشكل كبير عن الفنون في وقت السلم حيث نرى الفنون الواقعة تحت تأثير الحروب، تحاكي جوانب العنف الكامنة مثل التعصب الديني والقومي، ويتفرغ الإعلام لحشد الجمهور عملا بمبدأ “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة”.

الضرر النفسي الذي تخلفه الحرب

الضرر النفسي الذي تخلفه الحرب

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *