الرئيسيةقصةحين تعلق الروح بما ليس لها
قصة

حين تعلق الروح بما ليس لها

حين تعلق الروح بما ليس لها

حين تعلق الروح بما ليس لها

بقلم/نشأت البسيوني

 

هما روحان ولد بينهما شعور لم يكن من حقه ان يوجد لكن وجوده كان اقوى من كل الظروف التي حاولت ان تمنعه هو رجل متزوج وهي امرأة متزوجة وكل واحد منهما يعيش حياته كما يراها الناس حياة تبدو مستقرة من الخارج لكنها من الداخل تحمل فراغا لا يراه احد وكل واحد منهما كان يبحث في صمته عن صوت يشبهه وعن قلب يفهمه وعن روح تحتويه دون ان يضطر لشرح نفسه وفي

لحظة بلا موعد وجد كل واحد منهما ما كان يفتقده في الآخر فصارت المسافة بينهما اقصر من كل الكلام وصارت روحهما تلتقي دون ان يلتقيا وجسدا لا يملك الحرية التي تسمح لهما بالاقتراب اكثر كانت حياتهما تمضي كل يوم كما يجب ان تمضي لكن بداخل كل واحد منهما عالم آخر عالم يخصهما وحدهما عالم من الكلام الطويل الذي لا ينتهي من الفضفضة التي تخفف القلب من الثقل من

الضحكات التي تأتي من عمق الروح من الخوف الذي يهرب بمجرد ان يسمع كل واحد صوت الآخر من الاطمئنان الذي لا يمنحه لهما احد غيرهما ومع الوقت لم يعد اي منهما قادرا على التخلي عن وجود الآخر في حياته لم يعد الامر تسلية ولا فراغا يملأ الوقت بل صار ضرورة يعرفها القلب قبل العقل وصار البعد فكرة موجعة لا يمكن احتمالها هما يتكلمان طوال اليوم على الهاتف كأنهما يتنفسان

ببعض وكأن انفاسهما تسند بعضها ان تعب احدهما شعر الآخر بالوجع وان فرح احدهما امتلأ قلب الآخر بالدفء كأنهما مرآة واحدة تنعكس فيها كل مشاعر الطرفين وكل كلمة تمر بينهما تصنع رابطا اقوى ورغم ان كل واحد منهما لا يملك الحرية للخروج من حدود حياته ورغم ان الواقع يقف امامهما بحجم الجبال الا ان الروح لا تعرف هذه الحسابات ولا تخضع لهذه القيود ولهذا تعلقت

روحهما ببعض تعلقا لم يقدر احد منهما ان يوقفه ولا ان يعالجه ولا ان يهرب منه كان كل واحد منهما يتمنى ان يلتقيا لقاء واحدا فقط حتى لو لحظات قليلة لحظات تضع حدا لهذا الشوق العميق لحظات تشبه الحلم لكنها في الحقيقة كانت مستحيلة فهي ليست حرة وهو ايضا غير حر وكل خطوة خارج هذا الخط ستجر خلفها جروحا لا يقدرها احد ولهذا عاشا في المنتصف يتمسكان بهذا الرابط دون ان

يكسرا حياة احد ودون ان يطلبا من بعض اكثر مما تستطيع الظروف ان تمنحهما فالحب بينهما ليس رغبة في امتلاك بل رغبة في بقاء وبساطة قرب وصدق روحين لم تجدا مكانا تنتمي اليه غير بعضهما ومع الوقت صار هذا التعلق اعمق من كل شيء يعرفانه صار جزءا منهما جزءا من طريقتهما في التفكير من احساسهما بالعالم من فهمهما لنفسيهما وصار كل واحد منهما يعرف جيدا انه ما عاد يقدر

ان يعيش كما كان قبل ان يدخل الآخر حياته حتى لو لم يلتقيا حتى لو ظل كل شيء معلقا حتى لو بقيت المسافة قصيرة لكنها مؤلمة وحتى لو بقي الحلم مؤجلا لأن ما بينهما ليس وهما ولا نزوة ولا لحظة ضعف بل هو اقرب شيء للحقيقة التي تأتي مرة واحدة في العمر لكنها تأتي في الوقت الخطأ ورغم كل ذلك كان كل واحد منهما يختار الآخر كل يوم يختاره في الكلام في المسندة في

المشاركة في الصدق في الشوق في البقاء القريب رغم البعد البعيد رغم القرب الذي لا يكتمل يختاره لأنه الصوت الذي يعرف كيف يلمس القلب دون ان يوجعه ولأنه الروح التي تعطيه ما لم يجد عند احد ولأنه الشخص الذي يشعر معه بالسلام حتى لو كان سلاما ناقصا لكنه حقيقي وفي النهاية يبقى هذا الحب واقفا في حدود يعرفان انها لن تتجاوز الواقع لكنه رغم ذلك يظل اقوى من كل ما

يفرضه الواقع يظل حالة خاصة لا يمكن تفسيرها ولا فكها ولا التخلي عنها يظل رابطا لا يمحو لا بمسافة ولا بزمن ولا بحواجز ولا بموانع يظل جزءا من حياتهما مهما تغيرت الأيام يظل حضورا صامتا لكنه ثابت يظل شوقا لا ينطفئ وحنينا لا يخفت وحقيقة يعرفها قلب كل واحد منهما حتى لو لم يجرؤا ان يقولاها بصوت عال يظل حبا تعلقت به الروح ولو لم يكن لها وهنا تنتهي الحكاية

لكنها في داخلهما لا تنتهي تظل ممتدة وتظل نابضة وتظل اقرب شيء للقاء الذي لم يحدث وربما لن يحدث لكنها ستبقى في القلب كحقيقة لا يمحوها شيء ولا يقدر الزمن ان يغيرها. 

حين تعلق الروح بما ليس لها

حين تعلق الروح بما ليس لها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *