الرئيسيةمقالاتالعقار في مصر… من مخزن قيمة إلى أصل استثماري مُدار
مقالات

العقار في مصر… من مخزن قيمة إلى أصل استثماري مُدار

العقار في مصر… من مخزن قيمة إلى أصل استثماري مُدار

العقار في مصر… من مخزن قيمة إلى أصل استثماري مُدار

د. علي الدكروري

 

شاركتُ مؤخرًا كمتحدث في NeoGen Conference، وكان محور الحوار سؤالًا واحدًا يتكرر بصيغ مختلفة:

هل ما زلنا نتعامل مع العقار في مصر بالعقلية الصحيحة؟

إجابتي كانت واضحة:

العقار لم يعد مجرد “مخزن قيمة” نركن فيه أموالنا خوفًا من التضخم، بل يجب أن يُدار كـ أصل استثماري حي، له دورة حياة، وعائد، ومخاطر، وإدارة محترفة.

عقلية المخزن… ولماذا لم تعد كافية

لفترات طويلة، كان العقار في مصر ملاذًا آمنًا. شراء وحدة، الاحتفاظ بها، انتظار ارتفاع السعر، ثم البيع.

هذه المعادلة نجحت في أزمنة معينة، لكنها لم تعد كافية اليوم.

الاقتصادات تتغير، أدوات الاستثمار تتطور، والطلب لم يعد على “الطوب” فقط، بل على القيمة التي يولدها هذا الطوب:

تشغيل، إدارة، عائد دوري، وخدمة حقيقية للسوق.

ماذا تعلمنا من دول مرت بظروف مشابهة؟

خلال الحوار، استعرضتُ تجارب دول واجهت ضغوطًا اقتصادية، تضخمًا، وتغيرات نقدية حادة:

 • تركيا: انتقلت من المضاربة العقارية إلى نماذج تعتمد على التأجير المؤسسي، وإدارة الأصول، وصناديق الاستثمار العقاري.

 • إسبانيا بعد أزمة 2008: أعادت هيكلة السوق عبر تحويل العقار من عبء إلى منتج استثماري مُدار باحتراف.

 • الإمارات: سبقت المنطقة بخطوات، حين ربطت التطوير العقاري بالتشغيل، والحوكمة، والتكنولوجيا، والعائد طويل الأجل.

القاسم المشترك في كل هذه التجارب كان واضحًا:

العقار الذي لا يُدار… يفقد قيمته بمرور الوقت، حتى لو ارتفع سعره اسميًا.

العقار كأصل استثماري مُدار

عندما نتحدث عن “أصل مُدار”، فنحن لا نتحدث عن رفاهية، بل عن ضرورة:

 • دراسة جدوى حقيقية، لا افتراضات عاطفية

 • إدارة تشغيل محترفة

 • عائد دوري واضح، وليس ربحًا مؤجلًا مجهول التوقيت

 • ربط العقار بالاقتصاد الحقيقي: سكن، عمل، سياحة، تعليم، صناعة

العقار الناجح اليوم هو الذي يعمل، لا الذي “نحتفظ به”.

أين تقف مصر اليوم؟

مصر تملك كل المقومات:

سوق ضخم، نمو سكاني، توسع عمراني، ومدن جديدة تُبنى برؤية مختلفة.

لكن التحدي الحقيقي ليس في البناء، بل في الإدارة بعد البناء.

نحتاج إلى انتقال واعٍ من ثقافة التملك إلى ثقافة الاستثمار،

ومن فكرة “أشتري وأنتظر” إلى “أبني وأدير وأطوّر”.

الرسالة الأهم

رسالتي في المؤتمر، وأكررها هنا:

العقار ليس عدوًا في زمن الأزمات، لكنه قد يكون فرصة ضائعة إذا أدرناه بعقلية قديمة.

المستقبل ليس لمن يملك أكبر عدد من الوحدات،

بل لمن يملك أفضل نموذج إدارة، وأوضح رؤية، وأطول نَفَس استثماري.

ومصر، إن أحسنت قراءة اللحظة، قادرة على أن تجعل من قطاعها العقاري أحد أقوى محركات الاقتصاد الحقيقي في السنوات القادمة.

العقار في مصر… من مخزن قيمة إلى أصل استثماري مُدار

العقار في مصر… من مخزن قيمة إلى أصل استثماري مُدار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *