الدكروري يكتب عن الصدق في العمل
الدكروري يكتب عن الصدق في العمل
بقلم / محمــــد الدكــــروري
يقول رجاء بن حيوة وهو وزير الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز كنت مع عمر بن عبدالعزيز لما كان واليا على المدينة فأرسلني لأشتري له ثوبا، فاشتريته له بخمسمائة درهم، فلما نظر فيه قال هو جيد لولا أنه رخيص الثمن، فلما صار خليفة للمسلمين، بعثني لأشتري له ثوبا فاشتريته له بخمسة دراهم، فلما نظر فيه قال هو جيد لولا أنه غالي الثمن، فقال رجاء فلما سمعت كلامه بكيت، فقال لي عمر ما يبكيك يا رجاء ؟ قلت تذكرت ثوبك قبل سنوات وما قلت عنه فكشف عمر لرجاء بن حيوة سر هذا الموقف، وقال يا رجاء إن لي نفسا تواقة، وما حققت شيئا إلا تاقت لما هو أعلى منه، تاقت نفسي إلى الزواج من ابنة عمي فاطمة بنت عبدالملك فتزوجتها، ثم تاقت نفسي إلى الإمارة فوليتها.
وتاقت نفسي إلى الخلافة فنلتها، والآن يا رجاء تاقت نفسي إلى الجنة فأرجو أن أكون من أهلها، وهكذا فإن الصدق في العمل، وعدم الغش فيه شرط من شروط صلاحه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم مر على صبرة من طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللا فقال يا صاحب الطعام ما هذا؟ قال أصابته السماء يا رسول الله قال أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس؟ ثم قال من غش فليس منا” رواه الترمذي، وهكذا قل في الأخلاق الأخرى، ولقد مدح الله تعالى أهل الأمانة في الصنعة فقال عن نبيه داود عليه السلام، كما جاء في سورة سبأ ” ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد، أن اعمل سابغات وقدر في السرد واعملوا صالحا إني بما تعملون بصير”
وكما مدح الإتقان والأمانة في حياة نبي الله سليمان عليه السلام فقال سبحانه وتعالي كما جاء في سورة سبأ أيضا ” يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور” وكما أنه يجب علينا الإكثار من الدعاء، فإن الدعاء سلوى المحزونين، ونجوى المتقين، ودأب الصالحين، فإذا صدر عن قلب سليم، ونفس صافية، وجوارح خاشعة وجد إجابة كريمة من رب رحيم، فاحرص أخي التاجر الكريم على الدعاء في جميع الأوقات، وخاصة الأوقات الفاضلة، ولقد حثنا الله تعالى في كثير من آيات القرآن الكريم وكذلك نبيه صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة على الإكثار مِن الدعاء، فقال الله تعالى كما جاء في سورة البقرة.
” وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون” وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن ربكم تبارك وتعالى حيِيّ كريم يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا” رواه أبي داود، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه” رواه الترمذي، وكما يجب علينا أيضا أيها التجار المحافظة على إقامة الصلوات المفروضة جماعة في المساجد، فإن إقامة الصلوات المفروضة جماعة في المساجد واجب على كل مسلم ذكر، بالغ، عاقل، قادر على الذهاب إلى المساجد، ولو بمساعدة الآخرين له.
ولا يجوز التخلف عنها إلا لعذر شرعي، فإن الله تعالى قد أمر نبينا صلى الله عليه وسلم أن يصلي بأصحابه جماعة وهم في المعركة، وهذا دليل على أن وجوب صلاة الجماعة في حال الأمن من باب أولى، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “والذي نفسي بيده، لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده، لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقا سمينا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء” رواه البخاري ومسلم، وقال ابن حجر العسقلاني وأما حديث الباب فظاهر في كونها فرض عين لأنها لو كانت سنة لم يهدد تاركها بالتحريق.