الدكروري يكتب عن إقامة حدود الله تعالى
بقلم / محمـــد الدكـــروري
نعيش في هذه الحياة الدنيا أيام معدوده ونتنفس فيها أنفاس محسوبة، ونأكل فيها لقيمات معلومه، وإن من أهم الأمور التي ينبغي على الإنسان وخصوصا العبد المسلم أن يحرص عليها وهو علي قيد الحياة ويستعد لها هو حسن الخاتمة، وإن حسن الخاتمة هو أن يُوفق العبد قبل موته للابتعاد عما يغضب الله سبحانه وتعالي والتوبة من الذنوب والمعاصي والإقبال على الطاعات وأعمال الخير، ثم يكون موته بعد ذلك على هذه الحال الحسنة فمن وفقه الله سبحانه وتعالى للعمل الصالح في آخِر عمره وفي آخر ساعة من الأجل فقد كتب الله تعالي له حسن الخاتمة، ومَن خذله الله عز وجل عياذا بالله فختَم ساعة أجله بعمل شر وذنب ومعصية تغضب الله تعالي فقد خُتم له بخاتمة سوء والعياذ بالله، وإن أهم هدف من تكوين الأسرة هو إقامة حدود الله تعالى، أي تحقيق شرع الله عز وجل.
ومرضاته في كل شؤونهما وعلاقتهما الزوجية، ولقد قال الله تعالى فى سورة البقرة ” الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون” وإن الآية الكريمة هى خطاب للأزواج، وقد نهوا أن يأخذوا من أزواجهم شيئا على وجه المضارة، ولكن إذا خافا ألا يقيما حدود الله بأن ظن كل واحد منهما ألا يقيم حق النكاح لصاحبه، وحسب ما يجب عليه من حسن الصحبة وجميل العشرة، فلا حرج على أن تفتدي نفسها منها، ولا حرج أن يأخذ، إذن فتحقيق حدود الله هي إقامة الحياة الزوجية على تقوى وخوف من الله، بأن يحسن كل منهما العِشرة للآخر، وأن تكون القوامة للرجل.
والطاعة من قِبل المرأة، وقبول هذه القوامة عليها، والإنفاق من قِبل الرجل، وعدم الامتناع بنفسها عنه، وأن تحفظ نفسها وماله وأولاده، والله سبحانه وتعالى وصف الرسل الذين أرسلهم ومدحهم بأن لهم أزواجا وذرية في قوله تعالى فى سورة الرعد “ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية وما كان لرسول أن يأتى بآية إلا بإذن الله لكل أجل كتاب” وكما مدح عباده الصالحين وأولياءه بالسؤال في الدعاء بأن يهب لهم أزواجا وذرية، تقر بها الأعين بقوله تعالى فى سورة الفرقان”والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما” ويهدف الإسلام من تكوين الأسرة إلى تكوين المجتمع المسلم وترابطه، وتوثيق عُرى الأخوة بين أفراده وجماعاته وشعوبه، بالمصاهرة والنسب، وفي سبيل هذا الهدف اعتبر المسلمين أمة واحدة.
دون أي تفرقة في الجنس أو اللغة، فأجاز الزواج بين العربي والعجمي، وبين الأسود والأبيض، وبين الشرقي والغربي، ولعل الحكمة من زواج النبي صلى الله عليه وسلم من قبائل مختلفة هي الربط فعلا بين القبائل والتآلف بينها، وقد أمر الإسلام بالتعارف على اختلاف قبائلهم وأجناسهم، والأسرة لها دور عظيم في تحقيق هذا الهدف لما يترتب على تكوينها من قيام علائق جديدة بطرق النسب والمصاهرة، حيث قال الله تعالى فى سورة الفرقان ” وهو الذى خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا” فالإنسان يبتدأ في أول الأمر نطفة، منها يتخلق الجنين، فولد نسيب، ثم يتزوج فيصير صهرا، ثم يصير له أصهار وأخوات وقرابات، إنها قدرة الخالق المدبر.