الدكروري يكتب عن أحد العشرة المبشرين بالجنة
الدكروري يكتب عن أحد العشرة المبشرين بالجنة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد كان الصحابي الجليل سعيد بن زيد القرشي العدوي من المهاجرين الأولين، وكان من سادات الصحابة، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن السابقين الأولين إلى الإسلام، حيث أسلم بعد ثلاثة عشر رجلا، وقد شهد سعيد المشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم، إلا غزوة بدر، حيث بعثه النبي صلى الله عليه وسلم، هو وطلحة بن عبيد الله للتجسس على أخبار قريش، فرجعا بعد غزوة بدر، فضرب لهما النبي صلى الله عليه وسلم، بسهمهما وأجرهما، وشهد معركة اليرموك، وحصار دمشق وفتحها، وقد ولاه عليها أبو عبيدة بن الجراح، فكان أول من عمل نيابة دمشق من المسلمين، وتوفي بالعقيق سنة إحدى وخمسين للهجرة، وهو ابن بضع وسبعين سنة، وحُمل إلى المدينة، وغسله سعد بن أبي وقاص وكفنه.
وقد خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوما ومعه سيفه يريد قتل النبي صلى الله عليه وسلم، فلقيه نعيم بن عبد الله، فقال له أين تريد يا عمر؟ فقال عمر أريد محمدا فأقتله، فقال نعيم أفلا ترجع إلى أهلك فتقيم أمرهم؟ قال عمر وأي أهلي؟ قال نعيم ابن عمّك سعيد بن زيد وأختك فاطمة، فدخل عمر بن الخطاب عليهما وعندهما خباب بن الأرت يُقرئهما القرآن، فقال عمر فلعلكما قد صبأتما، وتبعتما محمدا على دينه، فقال له صهره سعيد يا عمر أرأيت إن كان الحق في غير دينك، عندها لم يتمالك عمر نفسه، فوثب على سعيد فوطئه، ثم أتت فاطمة مسرعة محاولة الذود عن زوجها، ولكن عمر ضربها بيده ضربة أسالت الدم من وجهها، بعدها قالت فاطمة يا عمر إن الحق في غير دينك، أشهد أن لا إله إلا الله.
وأشهد أن محمدا رسول الله، فعندما رأى عمر ما قد فعله بأخته ندم وأسف على ذلك، وطلب منها أن تعطيه تلك الصحيفة، فقالت له فاطمة وقد طمعت في أن يسلم إنك رجل نجس ولا يمسه إلا المطهرون، فقم فاغتسل، فقام ففعل ثم أخذ الكتاب فقرأ فيه وكان فيها قوله تعالى “طه، ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى” فلمّا قرأ بعضها قال لخباب بن الأرت دلني على محمد حتى آتيه فأسلم، فدله خباب على النبي صلى الله عليه وسلم، وكان الرسول حينها في دار الأرقم، فخرج عمر متجها إلى تلك الدار، وقد كان متوشحا سيفه، فضرب الباب، فقام أحد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونظر من الباب فرأى عمر بن الخطاب بما هو عليه.
ففزع الصحابي ورجع مسرعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره بما رأى، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم، لعمه حمزة بن عبد المطلب فأذن له فإن كان جاء يريد خيرا بذلناه له، وإن كان يريد شرا قتلناه بسيفه، فأذن له ونهض إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى لقيه بالحجرة فأخذ مجمع ردائه ثم جبذه جبذة شديدة وقال ما جاء بك يا ابن الخطاب فوالله ما أرى أن تنتهي حتى ينزل الله بك قارعة، فقال عمر” يا رسول الله جئتك لأومن بالله وبرسوله وبما جاء من عند الله” فلما سمع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ذلك كبر تكبيرة عرف أهل البيت من صحابة رسول الله أن عمر قد أسلم، ولقد كان ذلك الموقف أحد أروع المواقف الإسلامية في تاريخ الحياة الإسلامية.
وفيه يعود الفضل لفاطمة بنت الخطاب وثباتها على دينها، ودعوتها الصادقة لأخيها، الذي كانت البلاد بأجمعها تخاف من بطشه في جاهليته، ولكنها لم تخشه قط، بل أصرت على موقفها، وكانت سببا في إسلامه، وبذلك تحققت فيه دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن فاطمة بنت مسلم الأشجعية، عن فاطمة الخزاعية، عن فاطمة بنت الخطاب، أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول” لا تزال أمتي بخير ما لم يظهر فيهم حب الدنيا في علماء فساق، وقراء جهال، وجبابرة، فإذا ظهرت خشيت أن يعمهم الله بعقاب” .
الدكروري يكتب عن أحد العشرة المبشرين بالجنة