مقالاتمنوعات

التكييف مع النفس والظروف الاستثنائية 

التكييف مع النفس والظروف الاستثنائية 

بقلم / كريم عبد الغفار 

كثيرون يظنون أن التكيف مع الظروف الاستثنائية، يعني التخلي عن الأحلام وعن مُقومات الشخصية الأصلية، وغرس صفات جديدة داخل النفس، ومُحاولة التوأمة معها، وربما هذا ما يكون السبب المُباشر في عدم قدرتهم على العودة إلى طبيعتهم الإنسانية من جديد عندما تُواتيهم الفرصة لاستعادة حياتهم الأولى قبل الظروف الاستثنائية، فيتحولون إلى شخصيات أخرى بها مُقومات جديدة غير مُستساغة للآخرين.

وفي الحقيقة، فإن التكيف يعني في المقام الأول برمجة النفس على التحلي ببعض الصفات الخاصة التي تتلاءم مع ما استجد من ظروف ولابد أن يكون هذا التحلي لفترة مُؤقتة، مرتبطة بتلك الظروف الاستثنائية، فكما قلت آنفًا أنها نوع من أنواع البرمجة، بحيث لا تُصبح الصفات المُستحدثة لصيقة بالشخصية، إلا في حالة واحدة فقط، وهي أن تكون تلك الصفات ذات طابع إيجابي يُثري صاحبها بالجلد والإرادة والصبر.

 

 

ففكرة التكيف من أصعب الأمور التي يُواجهها الإنسان في حياته، لأنها تحتاج إلى إرادة خاصة، وقدرة استثنائية على مواجهة ظروف لم تكن في الحسبان.

 

 

ومَنْ يستطيع تخطي أي مرحلة استثنائية، لابد وأن يكتسب مُقومات جديدة في حياته تصقله نفسيًا وإنسانيًا، ولكن حذارِ أن تصبغه هذه المُقومات بصبغة القسوة أو اللامبالاة أو غيرها من السلوكيات التي تقتل روح المشاعر الإنسانية النبيلة.

 

 

فهذا الأمر يخضع لقاعدة “لا إفراط ولا تفريط”، بمعنى أن الإنسان عليه أن يعمل جاهدًا على مُسايرة ظروفه باكتساب صفات جديدة إيجابية تعينه على الحياة، ولكن بشرط ألا يقتل أجمل ما فيه، ولا يخنق أنبل ما يتسم به من صفات إنسانية، فهذه الصفات المُكتسبة لابد أن تظهر وقت الاحتياج إليها لكي تُعين صاحبها على اجتياز المحن وتخطي الأزمات، ومُجابهة كل ما يقف أمامه من عثرات، ولكن بالقدر المعقول، وفيما عدا ذلك عليه أن يظل على إنسانيته ورقته ونُبل أحاسيسه، حتى لا تموت بداخله معانى حقيقية هى التي تصنع وترقى بداخله أنبل المشاعر الإنسانية. فالتوازن مطلوب بين ما هو مُكتسب، وما هو غريزي وفطري، بحكم الطبيعة البشرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى