
الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر يكتب نداء شرارة تتصدر التريند بأغنية “غريب.
“: إحساس صادق وكلمات مؤثرة بتوقيع هشام البنا
من جديد، تعود النجمة نداء شرارة لتؤكد أنها ليست مجرد صوت جميل، بل حالة فنية كاملة قادرة على ملامسة أعماق المشاعر، وقد نجحت بالفعل في تصدّر التريند عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومنصات الموسيقى بأغنيتها الجديدة “غريب”، التي جاءت بتوقيع الفنان المتألق هشام البنا على البيانو. عمل غنائي شعري وموسيقي متكامل جمع بين الإحساس العالي والكلمة الصادقة، ليستقر مباشرة في وجدان كل من استمع إليه.
منذ انطلاقتها بصوتها العذب وقوة إحساسها، أثبتت نداء شرارة أنها قادرة على نقل المستمع إلى عالم آخر. ففي أغنية “غريب”، خرجت نداء من الإطار التقليدي للأغاني العاطفية، وقدّمت قصيدة وجدانية بصوت يفيض بالشجن، وكأنها لا تغني فقط، بل تعيش كل كلمة وتنفخ فيها من روحها.
أداءها في “غريب” جاء هادئاً، عميقاً، وانسيابياً، وكأنها تسير بين السطور بحذر عاشقٍ يخشى أن تفضحه دمعة. هذه الجرعة العالية من الإحساس الصادق هي التي جعلت الجمهور يتفاعل معها بعفوية، ويعيدون الاستماع إليها مرات ومرات.
أما هشام البنا، فلم يكن مجرد عازف بيانو في هذا العمل؛ بل كان شريكاً كاملاً في بناء هذه الحالة الفنية. عزفه جاء محمّلاً بالهدوء والحنين، ورافق صوت نداء وكأنه يحتضنه لا يُنافسه، بل يُكمّله. استطاع بلمساته أن يُترجم الكلمات إلى نغمات، ويمنح “غريب” بعداً روحياً لا يقل جمالاً عن النص الغنائي ذاته.
تأتي كلمات الأغنية معبّرة عن وحدة داخلية واغتراب شعوري يعيشه الكثيرون، خاصة في هذا الزمن السريع، حيث لا وقت للراحة ولا محطة للانتظار. وكأن نداء، من خلال هذه الكلمات، تبوح بما يعجز كثيرون عن قوله:
“ليه كله بسذاجة .. بيمشي على سهوة
زي اللي وراه حاجة .. و ملحقش يشرب القهوة
ليه دايمًا أحنا المحطة .. و دموعنا نازلة على الركاب
و أنا المسافر بلا شنطة .. و أنا اللي بقفل ب إيدي الباب”
بهذه الكلمات، نعيش صراع الإنسان مع نفسه، تنقّله من علاقة إلى أخرى، من ذكرى إلى وجع، من حلمٍ إلى سراب. أما المقطع الذي يقول:
“غريب ومنسي .. غريب حتى مع نفسي
سوادي عشتوا أنا لوحدي .. و عادي أهو كله بيعدي”
فهو بمثابة صرخة صامتة تختزل الوحدة والخذلان والانكسار، وتُعبّر عن مشاعر يخجل البعض من البوح بها، لكن نداء شرارة فعلتها ببساطة مذهلة.
بمجرد صدور “غريب”، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات التي أجمعت على عمق الكلمات، وجمال اللحن، وصدق الأداء. عبّر كثيرون عن شعورهم بأن الأغنية تصف تفاصيل دقيقة من حياتهم، وكأن نداء غنت بصوتهم. البعض كتب: “هذي مو أغنية.. هذي رسالة”، وآخرون وصفوها بأنها “وجع جميل”، لأنها لامست ألمهم بشكل راقٍ دون مبالغة أو صراخ.
نداء شرارة، النجمة الأردنية التي لمع نجمها منذ فوزها في برنامج “ذا فويس”، أثبتت أنها لا تتبع موجة بل تصنع الموجة. صوتها المختلف، وثقافتها الموسيقية، واختيارها الدقيق للكلمات، جعل منها فنانة تحترم عقل وقلب المستمع.
أغنية “غريب” هي تجربة فنية وإنسانية كاملة. هي حالة شعرية على نغم بيانو، تحوّلت إلى صوت داخلي لكل من شعر بالغربة حتى في وطنه أو وسط أحبائه. هي تذكرة سفر إلى أعماق الذات، كتبها هشام البنا بعزفه، وغنتها نداء شرارة بوجدانها، ليكتمل العمل كلوحة خالدة في أرشيف الأغاني الوجدانية العربية.
غريب ليست أغنية تُستمع وتنتهي، بل عمل يبقى في القلب ويُعاد مراراً لأنه يحمل في طياته شيئاً من كلّ واحدٍ منا.
إذا أحببت، بقدر أطوّلها أكتر أو أضيف فقرة تحليل فني أو تعليق نقدي من متخصصين. تحب أكمّل من أي ناحية؟