رحلة الأرواح إلى الله تعالي كل يوم وليلة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
رحلة الأرواح إلى الله تعالي كل يوم وليلة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أيده ربه بالبينات، والحجج القاطعات، فأسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ثم عرج به إلى السموات، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة الكثير عن رحلة الإسراء والمعراج، فحري بكم كلما قرأتم أو سمعتم عن حادثة الإسراء والمعراج أن تتذكروا أن فريضة الصلاة فرضت في ليلة الإسراء والمعراج، حيث فرضت في تلك الليلة بأمر من الله تعالى وهو في السماء، أما بقية أوامر الإسلام وفرائضة فقد نزل بها أمين الوحي جبريل عليه السلام على رسول الله المصطفي محمد عليه الصلاة والسلام وهو في الأرض، وفي هذا دلالة على أهمية هذا الركن من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وإن الصلاة شرعها الله تعالي لتكون معراجا يرقى بالناس.
كلما تدلت بهم شهوات النفوس وأغراض الدنيا، فهي رحلة الأرواح إلى الله كل يوم وليلة خمس مرات تؤدى بقلب خاشع لا تلهيه تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة يخاف يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار، وهي غير الصلوات التي يؤديها بعض الناس اليوم مجرد حركات لا لب فيه ولا خشوع، ولقد ساد المسلمون الدنيا وكانوا ملوكها وأساتذتها وكانوا حملة منار الحضارة فيها لما كانوا يصلون حقيقة وكانت صلاتهم جسدا وروحا، ولم تكن كصلاة كثير منا جسدا بلا روح، فهل نعود إلى مثل تلك الصلاة ليعود لنا مثل ذلك المجد؟ فما أسعد الذين يستشعرون هذه المعاني في الصلاة فيؤدونها في أوقاتها محافظين على أركانها وواجباتها وسننها وويل لمن فرط في هذه الصلاة وأضاعها وهي فريضة الله تعالي على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وأمته وهو في السماء.
وهي آخر وصية لرسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لأمته وهو يودع الدنيا حيث قال “الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم” وروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه، قال فركبته حتى أتيت بيت المقدس، قال فربطته بالحلقة التي يربط الأنبياء، قال ثم دخلت المسجد، فصليت فيه ركعتين، ثم خرجت فجاءني جبريل عليه السلام بإناء من خمر، وإناء من لبن، فإخترت اللبن، فقال جبريل إخترت الفطرة” وفي حديث مالك بن صعصعة رضي الله عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم “بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان، وذكر يعني رجلا بين الرجلين فأتيت بطست من ذهب ملئ حكمة وإيمانا فشق من النحر إلى مراق البطن.
ثم غسل البطن بماء زمزم، ثم ملئ حكمة وإيمانا، وأتيت بدابة أبيض دون البغل وفوق الحمار البراق، فانطلقت مع جبريل حتى أتينا السماء الدنيا، قيل من هذا؟ قال جبريل، قيل من معك؟ قيل محمد، قيل وقد أرسل إليه؟ قال نعم، قيل مرحبا ولنعم المجيء جاء، فأتيت على آدم فسلمت عليه، فقال مرحبا بك من ابن ونبي، فأتينا السماء الثانية، قيل من هذا؟ قال جبريل، قيل من معك؟ قال محمد صلى الله عليه وسلم، قيل أرسل إليه؟ قال نعم، قيل مرحبا به ولنعم المجيء جاء، فأتيت على عيسى ويحيى، فقالا مرحبا بك من أخ ونبي، فأتينا السماء الثالثة، قيل من هذا؟ قيل جبريل، قيل من معك؟ قيل محمد، قيل وقد أرسل إليه؟ قال نعم، قيل مرحبا به ولنعم المجيء جاء، فأتيت على يوسف فسلمت عليه، قال مرحبا بك من أخ ونبي، فأتينا السماء الرابعة، قيل من هذا؟
قيل جبريل، قيل من معك؟ قيل محمد صلى الله عليه وسلم، قيل وقد أرسل إليه؟ قيل نعم، قيل مرحبا به ولنعم المجيء جاء، فأتيت على إدريس فسلمت عليه، فقال مرحبا من أخ ونبي، فأتينا السماء الخامسة، قيل من هذا؟ قال جبريل، قيل ومن معك؟ قيل محمد، قيل وقد أرسل إليه، قال نعم، قيل مرحبا به ولنعم المجيء جاء، فأتينا على هارون، فسلمت عليه، فقال مرحبا بك من أخ ونبي، فأتينا على السماء السادسة، قيل من هذا؟ قيل جبريل، قيل من معك؟ قيل محمد صلى الله عليه وسلم قيل وقد أرسل إليه؟ مرحبا به ولنعم المجيء جاء، فأتيت على موسى، فسلمت عليه، فقال مرحبا بك من أخ ونبي، فلما جاوزت بكى، فقيل ما أبكاك؟ قال يا رب هذا الغلام الذي بعث بعدي، يدخل الجنة من أمته أفضل مما يدخل من أمتي، فأتينا السماء السابعة، قيل من هذا؟ قيل جبريل، قيل من معك؟
قيل محمد، قيل وقد أرسل إليه؟ مرحبا به ونعم المجيء جاء، فأتيت على إبراهيم، فسلمت عليه، فقال مرحبا بك من ابن ونبي، فرفع لي البيت المعمور، فسألت جبريل، فقال هذا البيت المعمور، يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، إذا خرجوا لم يعودوا إليه آخر ما عليهم، ورفعت لي سدرة المنتهى، فإذا نبقها كأنه قلال هجر، وورقها كأنه آذان الفيول، في أصلها أربعة أنهار، نهران باطنان، ونهران ظاهران، فسألت جبريل، فقال أما الباطنان ففي الجنة، وأما الظاهران النيل والفرات، ثم فرضت علي خمسون صلاة، فأقبلت حتى جئت موسى، فقال ما صنعت؟ قلت فرضت عليّ خمسون صلاة، قال أنا أعلم بالناس منك، عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، وإن أمتك لا تطيق، فارجع إلى ربك فسله، فرجعت فسألته، فجعلها أربعين، ثم مثله، ثم ثلاثين، ثم مثله.
فجعل عشرين، ثم مثله، فجعل عشرا، فأتيت موسى، فقال مثله فجعلها خمسا فأتيت موسى، فقال ما صنعت؟ قلت جعلها خمسة، فقال مثله، قلت سلمت بخير، فنودي إني قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي، وأجزي الحسنة عشرا”.