مقالات دينية

عقبات في طريق جهور

جريدة موطني

الدكروري يكتب عن عقبات في طريق جهور

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ذكرت المصادر التاريخية الكثير عن أبو الحزم جهور بن محمد بن جهور وهو أحد وزراء الدولة الأموية في الأندلس وأول حكام طائفة قرطبة، وقيل أنه كانت العقبة الوحيدة التي اعترضت عمل جهور في أواخر حكمه، وهو إعلان محمد بن عباد ملك إشبيلية عن عثوره على هشام المؤيد، آخر الخلفاء الأمويين قبل الفتنة والذي أعلن عن موته أكثر من مرة سابقا، وطلبه من ملوك الطوائف الآخرين الاعتراف بخلافته، وقد رفض جهور هذا الزعم فعرض قرطبة لهجوم جيش عبادي سنة ربعمائة وواحد وثلاثين من الهجرة، ولكنه عجز عن اقتحام أسوارها، فعوّض ابن عباد عنه بفتح بعض الحصون التابعة لها وقطع الطرق المؤدية إليها وتحقق خلاص قرطبة من جراء التنافس بين ملوك الطوائف.

 

إذ تحرك الزيريون أصحاب غرناطة لمجابهة الجيش العبّادي وهزموه وقتلوا قائده، وتوفي جهور في عام ربعمائة وخمس وثلاثين من الهجرة، وخلفه ابنه أبو الوليد محمد الذي حذا حذو ملوك الطوائف الآخرين، واتخذ لنفسه لقبا خلافيا هو الرشيد معبرا بذلك عن استقلال قرطبة، فيما عدا ذلك سار على سنة والده في تنشيط الحياة الاقتصادية، فأصدر القرارات الخاصة بإعادة أملاك الغائبين الذين غادروا قرطبة زمن الفتنة، إلى أربابها، وتوسط بين المتقاتلين من دول الطوائف بجواره، كتوسطه بين ابن عباد ملك إشبيلية وابن الأفطس ملك بطليوس سنة ربعمائة وثلاث واربعين من الهجرة، وأدى هذا الأمر إلى إبقاء طرق التجارة مفتوحة، ومن ناحية أخرى زادت موارد قرطبة ببيع قطع مستخرجة من خرائب القصور.

 

والمدن الملكية الأموية التي ازداد الطلب عليها من قبل ملوك الطوائف الآخرين، واعتمد محمد بن جهور في الإدارة على متولي النظر في المسجد الجامع إبراهيم بن محمد بن يحيى المعروف بابن السقاء، فعلا مقامه وكثر أتباعه، وازدادت هيمنته بتقدم سيده في السن، فأثار ذلك حفيظة عبد الملك الابن الأصغر للملك فدبر مقتل ابن السقاء في الثالث والعشرين من شهر رمضان عام ربعمائة وخمس وخمسين من الهجرة، بتحريض من المعتضد العبادي ليزيحه عن طريق تحقيق أطماعه بقرطبة فزاد هذا التدبير من قوة عبد الملك مقارنة بقوة أخيه الأكبر عبد الرحمن، واحتدمت المنافسة بينهما فقام الأب بقسمة سلطانه بينهما، فجعل للأكبر شؤون الإدارة والمال وللأصغر شؤون الجيش والحرب.

 

أي إنه ملكه أسباب القوة التي زادها بمصدر خارجي عن طريق توثيق علاقاته بالمعتضد بن عباد صاحب إشبيلية، ثم استبد عبد الملك بالأمور دون أخيه، وجعله حبيس منزله، ثم عظم نفسه أكثر بتسمية نفسه ذا السيادتين المنصور بالله الظافر بفضل الله، وتم كل ذلك في وقت وصلت فيه دولتان في توسعهما إلى حدود دولة بني جهور، فقد سيطر يحيى بن ذي النون، صاحب طليطلة، على حصن المدور في شمال شرقي قرطبة، وقرمونة القريبة من إشبيلية، فعرض عليه صاحبها المعتضد بن عباد النزول عنها مقابل إطلاق يد ابن ذي النون في احتلال قرطبة، وظن ابن ذي النون أنه انفرد بها وهاجمها سنة ربعمائة وواحد وستين من الهجرة، على الأرجح.

 

فاستنجد عبد الملك بأصدقائه العباديين الذين أمدوه بألف وثلاثمائة جندي، فاضطر ابن ذي النون إلى الرحيل، وظل العباديون بعدها يتظاهرون بالاستعداد للرحيل عن قرطبة، وبعدها ثار بالتواطؤ معهم الناقمون القرطبيون على حاكمهم عبد الملك، ودخل العباديون المدينة ليخلعوا بني جهور في الواحد والعشرين من شهر شعبان لعام ربعمائة وواحد وستين، ويلحقوا قرطبة بدولتهم وينفوا بني جهور إلى جزيرة شلطيش.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار