صاحب كتاب شرح العقائد النسفية
بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية الكثير والكثير عن الإمام سعد الدين التفتازاني السمرقندي الحنفي، وهو صاحب كتاب شرح العقائد النسفية، وهو شرح على متن العقائد الذي وضعه الإمام نجم الدين أبو حفص عمر بن محمد النسفي والذي تعددت شروحه إلا أن شرح السعد هو أعظمها شهرة وأكثرها قبولا واهتماما وعناية من العلماء، وقد تقرر للتدريس في جملة من معاهد العلم الشرعية المعتبرة حُقبا من الزمن، وقد أتمه السعد بخوارزم في شعبان سنة سبعمائة وثماني وستين من الهجرة، وكما له كتاب المقاصد، وهو متن مختصر في علم الكلام متين العبارة جيد السبك، وكما له كتاب شرح المقاصد، وهو شرح على المتن السابق، وقد فرغ السعد من المتن وشرحه بسمرقند في ذي القعدة سنة سبعمائة وأربع وثمانين من الهجرة.
وهو من أعظم كتب علم الكلام على الإطلاق إلا أن أسلوبه يميل إلى الصعوبة، وقد اعتنى به العلماء وكتبوا عليه الحواشي، وقد طبع المتن مع شرحه بإستنبول سنة ألف وثلاثمائة وخمس من الهجرة، ثم تعددت طبعاته، وكما له أيضا النعم السوابغ في شرح الكلم النوابغ، وهو كتاب في فقه اللغة شرح فيه كتاب الزمخشري نوابغ الكلم، وقد طبع الكتاب بالقاهرة بمطبعة وادي النيل، وذلك سنة ألف ومائتان وسبع وثمانين من الهجرة، ثم في بيروت سنة ألف وثلاثمائة وست من الهجرة، وأما عن مؤلف كتاب العقيدة النسفية هو أبو حفص عمر بن محمد بن أحمد بن لقمان النسفي الحنفي وهو من أهل سمرقند، وولد نحو سنة إحدى وستين وأربع مائة، وقال السمعاني، مات بسمرقند في ثاني عشر جمادى الأولى سبع وثلاثين وخمس مائة.
وقال الذهبي في السير وكان صاحب فنون، ألف في الحديث والتفسير والشروط، وله نحو من مائة مصنف، وكتابه العقائد النسفية شرحه سعد الدين التفتازاني الحنفي وسماه شرح العقائد النسفية، وفيه أوهام وأخطاء كثيرة في المتن والشرح كليهما، ومن أمثلة ذلك ما نقله عنهما ابن عابدين في حاشيته، لكن في عقائد التفتازاني أي في شرحه على العقائد النسفية قال والإنصاف ما ذكره الإمام النسفي، حين سئل عن ما يحكى أن الكعبة كانت تزور واحدا من الأولياء هل يجوز القول به؟ فقال نقض العادة على سبيل الكرامة لأهل الولاية جائز عند أهل السنة، وفيه إثبات إمكان تنقل الكعبة لزيارة أحد الأولياء، وهي عبارة تغني حكايتها عن الرد عليها لوضوح بطلانها، وهذا مما جعل السمعاني يحكم عليه بأنه لم يرزق فهم الحديث.
فقد نقل الذهبي في ميزان الاعتدال قوله عنه فلما وافيت سمرقند استعرت عدة كتب من تصانيفه فرأيت فيها أوهاما كثيرة خارجة عن الحد فعرفت أنه كان ممن أحب الحديث ولم يرزق فهمه، والنسفي هذا غير أبي البركات عبد الرحمن بن أحمد بن محمود النسفي صاحب التفسير المشهور، وبعد حياة حافلة بالعطاء العلمي تدريسا وتأليفا وإفتاء وبالصبر على شظف العيش وكثرة منغصاته توفي الإمام السعد التفتازاني يوم الاثنين الثاني والعشرين من شهر المحرم، واختلف في سنة وفاته والمرجح أنها سنة سبعمائة وواحد وتسعين من الهجرة، أو قيل سنة سبعمائة واثنين وتسعين من الهجرة، الموافق السابع عشر من شهر يناير عام ألف وثلاثمائة وتسعين من الميلاد، في سمرقند ودفن بها.
ثم نقل إلى سرخس فدفن بها يوم الأربعاء التاسع من جمادى الأولى من نفس السنة، وقد كتب على صندوق ضريحه “ألا أيها الزوار زوروا وسلموا على روضة الإمام المحقق والحبر المدقق، سلطان العلماء المصنفين، وارث علوم الأنبياء والمرسلين، معدل ميزان المعقول والمنقول، منقح أغصان الفروع والأصول، ختم المجتهدين أبي سعيد سعد الحق والدين مسعود القاضي الإمام مقتدى الأنام ابن عمر المولى المعظم أقضى قضاة العالم برهان الملة والدين ابن الإمام الرباني العالم الصمداني مفتي الفريقين الجامعين، سلطان العارفين قطب الواصلين شمس الحق والدين الغازي التفتازاني قدس الله أرواحهم وأنزل في فراديس الجنان أشباحهم”.