مقالات

بعد نصف قرن.. “يا قروية” تتصدر الترند في السودان وتوقظ الحنين وسط ركام الحرب

جريدة موطني

بعد نصف قرن.. “يا قروية” تتصدر الترند في السودان وتوقظ الحنين وسط ركام الحرب

الخرطوم – 26 أبريل 2025
بقلم: أشرف ماهر ضلع

بعد نصف قرن.. “يا قروية” تتصدر الترند في السودان وتوقظ الحنين وسط ركام الحرب

من قلب المأساة التي يعيشها السودان، تصدّرت أغنية “يا قروية” مواقع التواصل الاجتماعي، لتعيد إلى الأذهان زمنًا كانت فيه القرية رمز البراءة ونبض الوطن، وسط اشتعال نار الحرب وتشتت الأحلام.

الأوبريت، الذي عُرض لأول مرة في منتصف السبعينيات بالأبيض والأسود، عاد إلى الواجهة بعدما أعاد البروفيسور المعز عمر بخيت نشره عبر حسابه على “فيسبوك”، ليحقق انتشارًا واسعًا كالنار في الهشيم، مثيرًا موجة من التفاعل امتزجت فيها مشاعر الحنين والدهشة بين السودانيين في الداخل والشتات.

تجسد الأغنية مشهدًا غنائيًا رقيقًا بين فتيات من الريف يحلمن بزيارة العاصمة، وأخريات من المدينة يصفن لهن مظاهر الحياة الحضرية. ورغم بساطة المشهد، فإن الأوبريت حمل دلالات اجتماعية وثقافية عميقة، عكست نبض الحياة السودانية في ذلك الزمن.

دموع وذكريات
بصوت متهدج، قالت المواطنة فاطمة محمد وهي تمسح دموعها:
“عندما سمعت الأغنية، لم أستطع التحكم في دموعي. شعرت وكأن الزمن عاد بي إلى الوراء، إلى أيام كانت فيها الحياة أبسط، وأحلامنا غضة ونضرة.”
وأضافت: “لم أصدق أن الأوبريت لا يزال يحمل تلك القوة العاطفية التي تأثرنا بها في ذلك الزمن.”

من جانبه، قال الإعلامي والناقد السوداني مصعب الصاوي:
“لا أستغرب أن تثير الأغنية كل هذه الحالة الجماعية من الشجن؛ ففي زمن الحرب تستعيد الذاكرة لحظات التماسك والاستقرار، والمفردات الجمالية التي تعبر عن الحياة وقوة الإنسان على الإبداع.”
وأكد أن: “يا قروية أثارت كل هذه الشجون لأنها لمحة من زمن نادر وباهٍ، يستحيل أن يعود.”

رؤية فنية وبُعد رمزي
وأشار الصاوي إلى أن الأغنية “قدّمت قيم القرية الأصيلة في مقابل المظاهر المزيفة لحياة المدينة.”
وعلى الصعيد الإخراجي، أوضح أن حالة التضاد كانت بارزة بين صفين من الفتيات في مواجهة مباشرة، تتوسطهما ساحة تُعرض فيها تابلوهات الرقص، في تناقض بصري عميق بين التقاليد والحداثة. وتميّزت أزياء القرويات بالطابع السوداني التقليدي، بينما تنوّعت أزياء فتيات المدينة بحسب خطوط الموضة في السبعينيات.

فن لا يشيخ
ورغم مرور نحو خمسة عقود على إنتاج الأغنية، أثبتت “يا قروية” أن العمل الفني الصادق قادر على كسر حواجز الزمن والتقنية، ومخاطبة القلوب مهما تبدلت الأحوال.

بعد نصف قرن.. “يا قروية” تتصدر الترند في السودان وتوقظ الحنين وسط ركام الحرب

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى