
مكانة العمل في الإسلام ورفعة شأن الأمم به
بقلم: أشرف ماهر ضلع
في رحاب الإسلام، لم يكن العمل مجرد وسيلة للكسب، بل عبادة تُقرّب العبد من ربّه، وسبيلاً لعمارة الأرض ورفع راية الحضارة. لقد عظّم الإسلام شأن العمل، ورفع العامل إلى مصافّ المجاهد في سبيل الله، إذ قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: “ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده”.
ففي هذا الدين العظيم، لا يعلو شأن أمة إلا بعرق أبنائها، ولا تُبنى الحضارات إلا بسواعد عامليها. وقد قرن الله العمل بالإيمان، فقال: “وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ”. فالإيمان دون عمل كزرعٍ بلا سُقيا، لا ينمو ولا يُثمر.
مكانة العمل في الإسلام ورفعة شأن الأمم به
وما الأمم التي سبقتنا في مضمار التقدم، إلا أممٌ قدّست قيمة العمل، ونسجت من الالتزام والإتقان طريقًا إلى الرفعة والعلياء. بينما تتراجع أقدام من استسلموا للتكاسل والتواكل، فالعزّ لا يطرق باب من قعد ينتظر، ولا المجد يُهدى لمن غفل عن السعي.
إن العمل في الإسلام ليس مقصورًا على نوع دون آخر، بل هو كل جهد مبذول يحقق نفعًا ويجلب خيرًا، سواء أكان زراعة أو صناعة، تعليمًا أو طبًا، بناءً أو كتابة. بل إن الحبر الذي يسيل من قلم المُعلّم، واليد التي تُضمد جراح المريض، والمطرقة التي تبني، كلّها في ميزان الله سواء، ما دامت النية خالصة، والعمل متقنًا.
فلننظر حولنا؛ أمتنا اليوم أحوج ما تكون إلى صحوةٍ تُعيد للعمل قدسيته، وللإتقان مكانته. فبالعلم والعمل، ترتقي الشعوب وتستنير العقول، وتسير الأمم في ركب الحضارة، لا تابعة، بل رائدة.
فيا من تُمسك القلم، ويا من تحمل المعول، ويا من تبني وتزرع وتُعلّم وتعالج… اعلم أن يدك الممدودة للعمل، هي يدٌ مرفوعة في ميزان السماء.