“المنوفية تغرق في الأمطار.. والسيول تفضح البنية التحتية
”
بقلم: محمود سعيد برغش
في مشهد أعاد إلى الأذهان كوارث الطقس المفاجئة، غرقت شوارع محافظة المنوفية، مساء السبت 3 مايو 2025، تحت وطأة أمطار غزيرة تحوّلت إلى سيول اجتاحت الطرق والمنازل، وكشفت هشاشة البنية التحتية في عدد من المدن والقرى.
ففي مدينة سرس الليان، غمرت المياه الشوارع، وأغلقت المحال التجارية أبوابها بعدما تسربت المياه إلى الداخل، فيما استغاث الأهالي بشركة مياه الشرب والصرف الصحي التي دفعت بعدة سيارات لشفط المياه المتراكمة، لكن الاستجابة لم تكن بالحجم الكافي، ما أدى إلى تفاقم الأزمة.
وتأتي هذه الأحداث وسط تحذيرات مسبقة أطلقتها هيئة الأرصاد الجوية بشأن موجة طقس غير مستقرة، تنبأت خلالها بأمطار رعدية غزيرة على شمال البلاد. ومع ذلك، بدت الأجهزة المحلية غير مستعدة للتعامل مع الكارثة، ما طرح تساؤلات حول مدى جدية خطط الطوارئ في مواجهة مثل هذه التقلبات المناخية.
الأخطر من ذلك، أن السيول لم تقتصر على الشوارع والمنازل فحسب، بل امتدت لتغرق مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، وتسببت في تلف زراعات القمح في موسم الحصاد، ما ينذر بخسائر فادحة للفلاحين، وتهديد لأمننا الغذائي الوطني.
الطرق الرئيسية تحوّلت إلى برك مياه راكدة، ما تسبب في تعطل حركة السير، ووقوع حوادث مرورية طفيفة، بينما اضطر طلاب الجامعات والمدارس إلى تأجيل تنقلاتهم، في حين تعطلت مصالح مواطنين كانوا في طريقهم لأعمالهم.
ورغم جهود فرق الطوارئ التي حاولت السيطرة على الموقف، إلا أن المشهد في المنوفية يعكس خللًا واضحًا في منظومة إدارة الأزمات، ويؤكد أن البنية التحتية التي صُممت لعقود مضت لم تعد قادرة على مواكبة التغيرات المناخية المتسارعة.
وفي خضم هذه الكارثة، يتساءل البعض: هل ما حدث هو غضب من الله أم رحمة؟ هل هو عقاب مثل طوفان نوح الذي أغرق الأرض لفسادها، أم تذكرة ربانية لعلنا نعود؟
القرآن الكريم يقول: “وما نرسل بالآيات إلا تخويفًا”، ويقول أيضًا: “وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته”، وبين الآيتين تتجلى الحكمة الإلهية التي لا يعلمها إلا الله. فربما يكون ما جرى غضبًا على فساد في الأرض، وربما يكون رحمة أراد بها الله أن يغسل بها ذنوب العباد أو يوقظ بها غافلين.
في وقت نعيش فيه تغيرات مناخية عنيفة، يبقى السؤال مطروحًا: إلى متى نُفاجَأ بالكوارث دون استعداد؟ وإلى متى تظل خطط الطوارئ حبرًا على ورق؟ وهل نملك شجاعة مراجعة أنفسنا قبل أن نُسأل عما فعلت أيدينا؟