الحاجة إلى وحدة الأهداف
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فهو صلي الله عليه وسلم الذي حدث منه أنه بعد الانتهاء من كتابة وثيقة صلح الحديبية بين النبي صلى الله عليه وسلم والمشركين، جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو رضي الله عنه وهو في قيوده هاربا من المشركين في مكة، فقام إليه أبوه سهيل ، فضربه في وجهه وقال هذا يا محمد أول من أقاضيك عليه أن ترده إلي وذلك حسب العهد بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم، فأعاده النبي صلى الله عليه وسلم للمشركين، فقال أبو جندل يا معشر المسلمين أأردّ إلى المشركين يفتنونني في ديني؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم.
” إنا عقدنا بيننا وبين القوم عهدا وإنا لا نغدر بهم” ثم طمأنه وبشره النبي صلى الله عليه وسلم قائلا ” يا أبا جندل اصبر واحتسب، فإن الله جاعل لك ولمن معك فرجاً ومخرجا” رواه أحمد، فإذا كان الابتلاء للمجتمع والأمة بشكل عام، سواء كان بالاختلاف والتفرق، أو الأزمات الاقتصادية، أو بتسلط العدو، أو بالأمراض والأوبئة، أو بالكوارث، وغيرها سارع الجميع إلى التعاون والتراحم والتآلف، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتقديم النفع، وسعى الجميع إلى رأب الصدع، وإصلاح الوضع، وقول كلمة الحق، وكذلك بذل كل واحد من الأسباب ما يستطيع، ونأى كل واحد بنفسه عن أن يكون سببا في إثارة النعرات، وإزهاق الأرواح، وسفك الدماء، وترويع الآمين، فيلقى الله وهو عليه غضبان وعلى الجميع التضرع إلى الله والدعاء بأن يرفع البلاء، ويلطف فيه، ويكتب الأجر والثواب.
وإن التأمل في خلق البعوضة البالغ التعقيد والإتقان، يدرك مدى عظمة ذكر الله عز وجل للبعوضة في كتابه الكريم ومن دون أي استحياء، ويدرك أيضا أن سبب اختيار البعوضة بالذات للرد على افتراءات أهل الضلال، وهو يشعر قبل كل شيء بعظمة الخالق التي تتجلى في هذا المخلوق، ولكن هل يتوقف إعجاز هذه الآية القرآنية عند هذه الحدود؟ فاستخدام الضمير المؤنث في كلمة “فوقها” بحد ذاته إعجاز، وذلك لأن الحقيقة الراسخة هي أن إناث البعوض هي فقط التي تمتص الدماء، وهي لا تمتصه لكي تتغذى عليه فغذاء البعوض عامة هو خلاصة رحيق الأزهار، ولكنها تمتصه لأن البويضات التي تحملها أنثى البعوض بحاجة الى بروتين لتكبر، وهكذا يعدل القرآن الكريم باللفظ إلى صيغة تتفق مع الواقع قبل أن يكتشفها الزمان وتعاينها الأجيال.
وهل تصدق أن في هذه البعوضة جهاز رادار تتجه وهي في ظلمة الليل إلى الإنسان النائم على فراشه، من دون أن تخطئ الهدف، وهل تصدق أن في هذه البعوضة جهازا لتحليل الدم، قد يعجبها دم هذا النائم، ولا يعجبها دم أخيه، فتعكف على الأول، وتترك الثاني، وهل تصدقوا أن للبعوضة جهازا لتمييع الدم، لأن لزوجة الدم لا تعينها على امتصاصه في المنطقة التي تلدغ بها، تفرز مادة تميِّع بها الدم، وهل تصدق أن هذه البعوضة تملك جهازاً للتخدير، لأنها لو وقفت على جلدك، وغمست خرطومها في جلدك، وشعرت بها لقتلتها قبل أن تأخذ من دمك شيئاً، لكنها تخدر؟ فأوصيكم ونفسي بتقوي الله تعالي والرجوع إلي سنة نبيه المصطفي صلي الله عليه وسلم.
الذي كان يمنع أصحابه من القيام له، وما ذلك إلا لشدة تواضعه فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئا على عصا فقمنا له قال ” لا تقوموا كما يقوم الأعاجم يعظِّم بعضهم بعضا” رواه أحمد وأبو داود، وهذا خلاف ما يفعله بعض المتكبرين من حبهم لتعظيم الناس لهم وغضبهم عليهم إذا لم يقوموا لهم وقد قال صلى الله عليه وسلم ” من أحب أن يتمثل له الناس قياما فليتبوأ مقعده من النار” رواه أحمد. الحاجة إلى وحدة الأهداف