
الإتقان في العمل والبعد عن الحرام
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الولي المولى، رب الأرض والسماوات العلى، سبحانه يعلم السر وأخفى، وسامع النجوى وكاشف البلوى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، أقام الكون على مقتضى علمه ودبره بإرادته وهو العالم بما تبطنه الضمائر وما تخفيه السرائر وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه، خير العاملين بدين الله رب العالمين وسيد الغر المحجلين، فاللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد لقد دعا الإسلام إلى العمل الحر الشريف الذي يصون كرامة الإنسان بشرط الإتقان في العمل والبعد عن الحرام، ولقد عظم الإسلام من شأن العمل مهما كان هذا العمل، في المصنع أو في المتجر أو في المستشفى أو في الوزارة أو في السوق، أو في بناء العمارات وتشييد المباني.
أو في الزراعة وحراثة الأرض، أو حتى كان العمل في حفظ الأمن وحراسة الأموال والأعراض، أو حتى كان في القضاء والفصل بين الناس أو غير ذلك، بل حتى عمل المرأة في بيتها لزوجها وأولادها فأنها تؤجر عليه، فعلى قدر عمل الإنسان يكون جزاؤه، فقد دعا الإسلام إلى التجارة وقال صلي الله عليه وسلم ” تسعة أعشار الرزق في التجارة ” ولكن العمل في التجارة مثلا بالكذب والغش والطمع والأنانية فنجد الرسول صلي الله عليه وسلم يقول ” التاجر الصدوق مع النبيين والصديقين والشهداء ” رواه الترمذي والحاكم، ويقول ” إن أطيب الكسب كسب التجار الذين إذا حدثوا لم يكذبوا وإذا ائتمنوا لم يخونوا وإذا وعدوا لم يخلفوا وإذا اشتروا لم يذموا وإذا باعوا لم يمدحوا وإذا كان عليهم لم يمطلوا وإذا كان لهم لم يعسروا ” رواه الترمذي.
وقال صلي الله عليه وسلم ” رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى ” أما حين يغير التاجر، يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم “إن التجار هم الفجار قيل ولما يا رسول الله أليس قد أحل الله البيع قال بلى ولكنهم يحدثون فيكذبون ويحلفون فيأثمون” ويحذر الرسول صلي الله عليه وسلم التجار من كثرة الحلف ” خاب وخسر المنفق سلعته بالحلف الكاذب ” ويقول صلي الله عليه وسلم ” ويل للتاجر من بلي والله ولا والله” لذلك كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان ينزل السوق ويقول لا يبع في سوقنا إلا من تفقه في دينه وإلا أكل الربا شاء أو أبى، وحين يكون العمل في مجال الصناعة نرى الرسول صلي الله عليه وسلم يقول ويل للصانع من غد وبعد غد ” كذلك الصناعة قوامها الإتقان، فيقول صلي الله عليه وسلم ” إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ”
الإتقان في العمل والبعد عن الحرام
كذلك أيضا فيها أجر فيقول صلي الله عليه وسلم ” أعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه ” رواه ابن ماجة، وحين يكون في مجال الزراعة يقول صلي الله عليه وسلم ” إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن يغرسها فليغرسها ” أحمد، وإن للعمل في الإسلام مكانة عالية ومنزلة رفيعة، به ينال الأجر والثواب، وهو عبادة عظيمة لله وإمتثال لأمره، عن طريقه تقوم الحياة، وتعمر الديار، وتزدهر الأوطان، ويحدث الاستقرار، أمر به سبحانه وتعالى، ولقد وردت في القرآن وفي السنة أمثلة كثيرة تؤكد على هذا المعنى وقيمته الخطيرة وتصف الأنبياء عليهم السلام بأنهم كانوا ذوي حرف وصناعات برغم مسئولياتهم الهائلة في الدعوة إلى الله وإنشغالهم بذلك عن العمل والإحتراف ولولا أن الله تعالي جلت قدرته إختار لهم أن يحترفوا وأن يكسبوا قوتهم بعرق جبينهم.