هُجر قلبه منذ الأزل
محمد كمال قريش يكتب/ قلب مهجور..
هُجر قلبه منذ الأزل، هجرة مخيفة، مرعبة، حتى صار يشعر بشبح يسكنه. كان يشبهه ببيت أو مشفى، لكنه كان يُفضل المشفى؛ حيث حزن يقيم، واكتئاب يطوف، ورائحة دماء تنتشر، والموت ضيف مرحب به في أي لحظة.
اعتاد وَحشة قلبه، وغرابيته. لكن لمّا أغاظ ذاك الاعتياد الشبح الذي يسكن قلبه، قرر الانتقام، أن يُفعّل شبحانيته. فبدأ بمطاردته، وإفزاعه.
في البدء كان يحتمل، ويحتمل، ويحتمل. حتى جاءت اللحظة التي لم يستطع فيها الاحتمال أكثر، فقرر أن يطرد شبح قلبه المخيف، بإدخال أحد أبناء جنسه فيه.
قلبه المرتعب من وجود الشبح، اختار إنسية لتحل محله. اهتاج الشبح وثار، لكنه لم ينتقم، بل شعر بأنه خُذل، وأن كرامته قد تبعثرت، وتناثرت. فلملم كرامته وانسحب من قلبه تاركًا تلك الإنسة، وحدها، فيه.
انتعش قلبه سريعًا، جدًا. وأنعش معه جسده، ولكن، وبنفس السرعة، عاد مًوحشًا، مّرعبًا، أكثر من ذي قبل، بوجود تلك الإنسية، التي كأن تسليتها الوحيدة، هي جرح مكان سكنها! وصار مُوحشًا أكثر وأكثر، حين قررت، بعدم اكتراث.. هجرة قلبه.
