
كانت شديدة التمسك بالهدي النبوي والخصال المحمدية
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله مغيث المستغيثين ومجيب دعوة المضطرين ومسبل النعم على الخلق أجمعين عظم حلمه فستر وبسط يده بالعطاء فأكثر، نعمه تترى وفضله لا يحصى، من أناخ بباب كرمه ظفر وأزال عنه الضر، وجبر ماانكسر، إليه وحده ترفع الشكوى وهو المقصود في السر والنجوى يجود بأعظم مطلوب ويعم بفضله وإحسانه كل مرغوب سبحانه أنشأ السحاب الثقال فأهطل ديمها فبلّ الأرض بعد جفوفها وأخرج نبتها بعد جدوبها سبحانه وسع سمعه ضجيج الأصوات بإختلاف اللغات وتنوع الحاجات، فأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو مجيب الدعوات وفارج الكربات وهو مجبل النعم على جميع البريات وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا هو عبد الله ورسوله أصدق العباد قصدا وأعظمهم لربه ذكرا وخشية وتقوى صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه.
ومن سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين أما بعد لقد كانت المؤمنات يسألن رسول الله المصطفي صلي الله عليه وسلم عن كل ما يعرض لهن على إختلاف درجاتهن في الحياء حتى كان بعضهن يشكو إليه هجر بعولتهن لهن إشتغالا بالتعبد أو لغير ذلك، وكان لا بد من تعليمهن وإنصافهن من بعولتهن، مثل هذه الأسئلة الخاصة كانت تحرج النبي صلى الله عليه وسلم، فتتولى أمهات المؤمنين شرحها وتبيانها، وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها رحم الله نساء الأنصار، ما منعهن الحياء أن يتفقهن في الدين، كانت المرأة من هؤلاء تأتي إلى السيدة عائشة رضي الله عنها لتسألها عن بعض أمور الدين، وعن أحكام الحيض والنفاس والجنابة وغيرها من الأحكام التي تستحي المرأة عادة من ذكرها، كآداب المعاشرة والجماع والزينة وغيرها.
ومن المعروف أن السنة المطهرة ليست قاصرة على أقوال النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم فحسب، بل تشمل قوله، وفعله، وتقريره وكل هذا من التشريع الذي يجب على الأمة إتباعه، فمن ينقل لنا أخباره وأفعاله صلى الله عليه وسلم في المنزل، غير هؤلاء النسوة اللواتي أكرمهن الله تعالي فكن أمهات للمؤمنين وزوجات لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وكان الرجال والنساء يرجعون بعده صلى الله عليه وسلم إلى أمهات المؤمنين في كثير من أحكام الدين ولاسيما الزوجية فمن كان له قرابة منهن كان يسألها دون غيرها، فكان أكثر الرواة عن السيدة عائشة رضي الله عنها أختها أم كلثوم وأخاها من الرضاعة عوف بن الحارث، وابن أخيها القاسم وعبد الله ابني محمد بن أبي بكر، وحفصة وأسماء بنتي أخيها عبد الرحمن، وعبد الله وعروة ابني عبد الله بن الزبير من أختها أسماء.
وروى عنها غيرهم من أقاربها ومن الصحابة والتابعين وهم كثيرون جدا، كذلك كان أكثر الرواة عن أم المؤمنين السيدة حفصة رضي الله عنها أخاها عبد الله بن عمر وابنه حمزة وزوجه صفية بنت عبيد وأم بشر الأنصارية رضي الله عنهم أجمعين، وبعد إنتقال الرسول المصطفي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، عاشت السيدة ميمونة رضي الله عنها حياتها بعد النبي صلى الله عليه وسلم في نشر سنة النبي صلى الله عليه وسلم بين الصحابة والتابعين لأنها كانت ممن وعين الحديث الشريف وتلقينه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأنها شديدة التمسك بالهدي النبوي والخصال المحمدية، ومنها حفظ الحديث النبوي الشريف وروايته ونقله إلى كبار الصحابة والتابعين وأئمة العلماء وكانت أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها من المكثرات لرواية الحديث النبوي الشريف والحافظات له.
حيث أنها روت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ستا وسبعين حديثا وأكثر الرواة عن السيدة ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها أبناء أخواتها وخصوصا أعلمهم وأشهرهم عبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين، وأشهر الرواة عن السيدة رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنها ابنتها حبيبة وأخوها معاوية وعنبسة وابنا أخيها وأختها رضي الله عنهم أجمعين.